الأربعاء، 19 فبراير 2020

ما الذي تغيّر بعد مشاهدة الخطّاب على الباب للمرّة الألف؟ 4/4

الهامشيون و"البلديّة"
خارج محيط عائلة الشاذلي التمّار وأصهاره وأقاربه، يحتلّ ما يمكن أن نسمّيهم بالهامشيين مكانة مميّزة في أحداث المسلسل. تتكوّن نواة هؤلاء الهامشيين من شلّة سطيّش، أو "عصابة صليح" كما سمّاهم عبد الستّار في إحدى المرّات. لا يتجاوز الأعضاء الدائمون لهذه الشلّة أربعة، ولكنّ أوضاعهم تتباين بشكل كبير. صليح هو أكثرهم استقرارا، فهو الوحيد الذي يملك عملا قارا وحانوتا ومسكنا، ثمّ يستأنف استقراره في الجزء الثاني بزواجه من بيّة. يشكّل صليح واسطة العقد بين المجموعة وباقي سكّان الحيّ، وخاصة ذوي الوجاهة منهم، فوجوده بينهم يعطيهم نوعا من المقبولية الاجتماعية. نتساءل عن سبب وجوده بينهم رغم وضعه الجيّد نسبيا. ربّما لأنّ مزاجه الحاد لا يتحمّل كثيرا أجواء "الوجهاء" التي لا تقبل كثيرا مرحه الخاص جدّا. قد يكون كذلك عانى سابقا من شعور بالدونية جعله لصيقا بمن يراهم أكثر شبها به. يلي صليحا في الاستقرار قمر الزمان الميساوي، شُهر سطيّش. كانت وضعيّته سيّئة للغاية، إذ كان يتيما موصوما بالانحراف، قبل أن يكفله الشاذلي التمّار ويوفّر له حدّا من الأمان والتوازن المالي. تصل به وضعيّة الرفاه إلى أوجهها حينما يسافر إلى أروبا للسياحة، غير أنّنا نراها تعود إلى الانحدار بعد ذلك. ثمّ نجد عبودة، الشاب البسيط، الذي يسكن "وكالة" والذي يتنقّل بين مجموعة من الأعمال المتواضعة. ثمّ نأتي إلى رضا "حفّة"، وهو آخرهم إذعانا للضوابط الاجتماعية، إذ نراه مكسور الساق، إثر حادث تعرّض إليه خلال محاولة سرقة. إضافة إلى هذه المجموعة، نجد هامشيين آخرين محيطين بها، مثل نعيمة وأخيها الحطّاب ومنصور الخضّار.
تجمع بين هؤلاء جميعا، باستثناء صليح، وضعية الهشاشة التي يعيشونها. إذ ليست لديهم أعمال قارة، ولا مساكن ثابتة فنراهم يتنقلون للسكنى بين الوكالات والحوانيت. حتّى سطيّش يعرف هذا التشرّد في الجزء الثاني لمّا يختلف مع آل التمّار. مستواهم التعليمي غير مرتفع، فنرى حفّة مثلا يشتكي من مسرحية برشت ويقول أنّها لا تُفهم إلّا بالباكالوريا. قد يختلفون، لكنّ خلافاتهم أقرب للدعابة، وحتّى إن احتدّ بعضهم على بعض، فسرعان ما يعودون إلى الألفة. لكنّ أهمّ ما يجمعهم في نظري أحلامهم الكبيرة. كلّهم غير راضين عن وضعيّتهم ويتوقون إلى ما هو أفضل. أحلامهم قد تكون فنيّة: كحلم سطيش وحفّة بالغناء والمسرح، أو رومنسية كحبّ عبودة لروضة أو حبّ صليح لبيّة. جميعهم يحلم بالارتقاء، لا بمعناه المادي فقط. هم يسعون إلى تحقيق اعتراف يجعلهم أفرادا مقبولين في مجتمعهم، متجاوزين الوصم الذي طبعهم سابقا. نرى ذلك جليّا في وضعية حفّة، الذي يريد دائما أن يثبت صدق توبته حتّى نراه يقتسم المشروب الغازي مع صديقه ولا يلجأ إلى تناول غيره وذلك رغم غياب الرقابة عليه، فقط لأنّ سلومة لم يسمح له بأكثر من قارورة واحدة. هذا الحلم يجعلنا دائما نراهم أجمل ممّا يوحي به ظاهرهم الرثّ. ليس أوضح من ذلك من وضعيّة نعيمة "الكحلة". في البداية، لا نرى منها غير وجه مخيف: فتاة عنيفة وحادة الطباع ولا تعتني بهيئتها. لكنّها تكشف لنا عن امرأة مناضلة، تجتهد لتنال خبزها بعرق جبينها. تتقن عملها، سواء في "تسمير الجراري" أو كخيّاطة في معمل صفية. تأبى أيّ طريق غير مشروع لكسب المال، حتّى أنّنا نراها تقرّع أخاها الحطّاب بعنف على ذلك. تأنف من أيّ مسّ من كرامتها، وتدخل في معارك إذا اشتبهت في أنّ أحدهم يسخر منها. تحلم بالزواج، وتؤثر سطيّش على نفسها، حتّى تترك غرفتها في الوكالة له.
عندما أصبحت معالم الحيّ مهدّدة، نرى هذه المجموعة الأكثر نشاطا في الدفاع عنها. يسعون إلى التجسّس على سي الأمين لمعرفة مخططاته ويؤلّبون الرأي العام ضدّه. يبادرون بالاتصال بالمنجي لإنقاذ المقهى، ويثابرون حتّى تثمر مجهوداتهم. المفارقة أنّهم يقومون بكلّ ذلك في حيّ يعتبرون فيه أغرابا. هذا الخيط الفاصل بين "البلدية" و"الآفاقيين" قد يبدو رفيعا لأوّل وهلة، لكنّه كائن ووازن، ويتماهى تقريبا مع الفصل بين الوجهاء والعامة. تراه رمزيّا في المقهى حيث تخصّص المقاصير للوجهاء وحدهم، ولا نراهم يجلسون في الباحة الرئيسية إلّا تواضعا. ربّما لأجل ذلك بادر إلياس، وهو بادي الغرور والغطرسة، إلى الجلوس في المقصورة رغم أنّ أحدا لم يكن يعرفه فيها.  نرى منّانة تنطق عن الاستعلاء "البلدي" عندما لا نراها تعبّر عن رضاها بزواج حفيدتها من أحمد إلّا بعد أن علمت أن أمّه "بلديّة". نراها كذلك تمدح عثمان بقولها "ما تفرزوش على أولاد نهج الباشا". لكنّ التعبير الأكثر قسوة يأتي من عبد الستّار. في حديثه مع التيجاني كلسيطة، نراه يجعل هؤلاء "الأغراب" سبب كلّ مشاكل الحومة، ويدعو إلى تحرير مكتوب يُرفع إلى السلط المختصة لإرجاعهم إلى بلدانهم. لنتذكّر أنّ هؤلاء "الأغراب" هم من سيحافظون فيما بعد على معالم الحومة، وأنّ عبد الستّار نفسه هو من سيسمسر لبيعها.
يردّ التيجاني على عبد الستّار بغضب وبقلب حجّته عليه: "انتي يا سي الانتريتي من وقتاش جيت لتونس؟ تي انتي بلادك في آفاق الآفاق!". نعتبر التيجاني من أبرز الشخصيات التي تعطف على أولئك الهامشيين، ويبرز ذلك جليّا في تبنيه الحماسي لقضيّة منصور الخضّار. الشاذلي التمّار نفسه لا يحمل هذا الاستعلاء ونراه يهنّئ حفّة بخروجه من السجن ويعطف على نعيمة ويمدحها ويتوسّط لها عند زوجته. أمّا أحمد التواب، فنراه في أوّل الأمر شديد اللصوق بهذه المجموعة، حتى كأنّه منهم، بل نراه ينادي سطيّش "يا توأم روحي". غير أنّه فيما بعد يبتعد عنهم نوعا ما وتضحي لقاءاته معهم متباعدة، حتى أنّه لم يعلم بوظيفة حفّة الجديدة إلّا بعد مدّة طويلة. لكنّنا نرى أيضا أنّه لم يتخلّص من آثار الاستعلاء. عندما يغضب، يعود إلى استعمال كنية "سطيّش" في حديثه مع قمر الزمان، أو يصيح في وجه عبودة "يا هايشة".

الاثنين، 17 فبراير 2020

ما الذي تغيّر بعد مشاهدة الخطّاب على الباب للمرّة الألف؟ 4/3

أحمد وفاطمة: حبّ فوق الغيوم
تضفي علاقة أحمد بفاطمة على المسلسل طابعا رومنسيا مثاليا، لا علاقة له بالمرّة بالواقع وإكراهاته. يبدأ الإعجاب بينهما بتأثير تقارب الميول الأدبية، دون أن تكون لأيّ منهما معرفة عميقة بالآخر. تشكّل حادثة سوسة علامة فارقة تكشف عن هشاشة ما بينهما. يخترع أحمد في ذهنه وهم خيانة، ويغرق في الاكتئاب. عندما يلتقيان، تبدو المفارقة. لم يتعلّق الأمر بأكثر من سوء تفاهم بسيط، كان من الممكن حلّه بسهولة لو استمع كلّ منهما إلى الآخر، لكنهما يتشنجان بشكل غير مفهوم: أحمد يصرخ في وجهها ويتّهمها بأنّها تتلاعب به وبعواطفه، وهي تردّ كذلك بالصراخ وتتهّمه أنّه سطحي وساذج، ثمّ تخرج عن لغتها المتفاصحة لتقول له أنّه "جلف". تسود القطيعة بينهما لعدّة حلقات، ثمّ يلين قلب فاطمة، لا لأنّهما تحاورا وتصارحا وأزالا كلّ لبس، بل لأنّه أرسل إليها قصيدة! 
إنّ أحمد وفاطمة نموذجان للمثقّف (أو "الثقفوت" ربّما) الّذين يطيب له عيش الدور وبناء صروح من الخيال، دون أن يكون لها أيّ أساس، بل ويصل الأمر حتّى اختلاق المظلومية والشعور بالاضطهاد. يبدو ذلك جليّا في حديث فاطمة عن "الغربة الروحية" و"الفقر العاطفي" أمام دهشة أبيها. نرى ذلك أيضا في شكوى أحمد المتكرّرة من أمّه ومن عثمان الّلذين يودّان "أن يسطّرا مستقبله"، في حين أنّ القرار كان دائما بيده وحده. لنقارن هنا بينه وبين صفيّة عندما رغبت أن تخرج إلى العمل: هي حزمت أمرها وقرّرت التخلّي عن رفاهية العيش وتحدّت التقاليد المحافظة فقط لتثبت ذاتها وأبت المساومة على ذلك، أمّا هو فقد ظلّ متخبّطا بين استلام ضيعة جدّه وبين المضيّ في مستقبله الأدبي، ثمّ نزع إلى الهروب فغادر إلى العاصمة، قبل أن يذعن للضغوط ويتخلّى عن أحلامه ليعود فلّاحا (وهو كحميه لا يعرف عن الفلاحة شيئا).
تتبدّى هشاشة العلاقة بين أحمد وفاطمة مجدّدا عندما تدخل روضة على الخطّ. أعجبت روضة بأحمد، ولعلّها اصطادت بذكائها العملي هذه الهشاشة، فلم تمنع نفسها من ملاحقة الشاعر الحالم مستعينة بجرأتها وثقتها الكبيرتين. يبدو أنّ أحمد، على الأرجح، استطاب ذلك، فرغم أنّ ميلها إليه كان واضحا للعيان، فإنّه في البداية لم يصدّها، بل يمكن القول أنّه شجّعها ضمنيّا: رحّب بفكرة البرنامج المخصّص له، وأرسلها لتستعيد مجموعته الشعرية من فاطمة دون أن يُعلم هذه الأخيرة، وانبرى لتشييع روضة ليلا، رغم أنّ عبودة كان قد تطوّع لذلك، ولمّا فوجئ بفاطمة أمامه ارتبك (حتّى سقطت منه السيجارة) كمن قُبض عليه متلبّسا.
كان من الطبيعي أن تستثير هذه العلاقة انتباه فاطمة. شعور الغيرة طبيعي جدّا في مثل هذه المواقف، فكيف إذا أصاب أرستقراطية مدلّلة تجد فجأة مكانتها لدى رجلها محلّ منافسة من فتاة ذات جمال وثقافة وذكاء؟ الغالب على الظنّ أنّ ذهابها المفاجئ إلى باجة لسبب غير وجيه (إيصال مراسلة إلى أحمد) كان لغاية أن تظهر لخطيبها أنّها قادرة على أن "تتمرمد" لأجله. على أنّ "نضالها" هذا لم يستمرّ طويلا: ما إن لقيت جفاء من حماتها حتّى ضاقت ذرعا من خطيبها (الذي لا ذنب له في هذا الجفاء، وإن فتح هروبه المجال للأقاويل) وظلّت تنأى عنه حتّى الحلقات الأخيرة.
يمكن أن نقول أنّ علاقة أحمد بفاطمة هي علاقة بين مثقّفين مُرفّهين يعيشان في برجهما العاجي وجد كلّ منهما في الآخر ما يشبع لديه مُثُل الحبّ الرومنسيّة. لم نر بينهما في أيّ موقف ما يكشف عن تفاهم عميق يعبّر عن معرفة خبيرة لأحدهما بدقائق شخصيّة الآخر. لو كان قُيّض للمسلسل أن يستمرّ أكثر فنراهما بعد الزواج، ربّما كنّا لنرى هذه العلاقة فوق الغيوم تصدم بالواقع، ولعلّها كانت تلقى صعوبات لمجرّد الاستمرار.

الجمعة، 14 فبراير 2020

ما الذي تغيّر بعد مشاهدة الخطّاب على الباب للمرّة الألف؟ 4/2


الشاذلي التمّار: ملك دستوري
يبدو سي الشاذلي نموذجا للأرستقراطي التقليدي الذي يتجاوزه العصر. هو يحرص على التمسّك بأهداب الأرستقراطية، ويبدو ذلك في تأنّقه البادي في كلّ الأوقات (البدلة الافرنجية صباحا والجبّة التونسية ليلا) وحضوره المهيب وإبدائه الوقار في كلّ كلماته. يتعامل بتحفّظ كبير ولا يخاطب زوجته أو أمّه إلّا بشكل أقرب للرسمية. رغم أنّنا نفترض أنّه تزوّج صفيّة عن حب (بما أنّه أعرض قبل ذلك عن زواج مدبّر بابنة خالته)، فإنّهما قلّما ينزعان "سي" و"للّا" في خطابهما. حتّى لمّا تتجرأ صفيّة فتعبّر عن حبّها له في غرفة نومهما، يهبّ مفزوعا، حذرا أن يسمعهما أحد.
وراء تلك الهيبة والتحفّظ، لم يكن الشاذلي التمّار قادرا على إدارة أبسط الأزمات التي تحدث تحت سقف بيته. كان يحاول أن يلتزم نوعا من الحياد الإيجابي، فلا ينحاز بشكل واضح لا إلى أمه ولا إلى زوجته، وإنما يمنح الحق لهذه تارة ولتلك تارة أخرى، ولكن ذلك لم يكن يرضي كليهما، فنراه يختار الهرب أحيانا: إلى المقهى، أو بيت صديقه كما حصل في إحدى المرات. أحسنت حدّة تلخيص الأمر حين قالت لفاطمة: ليس في البيت غير داهيتين: "العجوز" و"المدام"، أمّا الشاذلي، فهو ضائع بينهما. هو واع أن التغيرات التي تحصل سريعة النسق، لكنّه يرفض مواكبتها، أو بالأحرى يعجز عن ذلك، ويكتفي بالشكوى من مرارة العيش وتبدّل الأزمان.
تتجلّى تناقضات سي الشاذلي بشكل واضح في تسييره لأعماله. هو يزعم أنه فلّاح ابن فلّاح، لكنه لا يعرف عن الفلاحة شيئا، وهو ما يصدمه به عثمان في لحظة صراحة فجة. يستغفله العملة ويسرقونه ويكشف له عثمان ذلك، فيُصدم، ولكنه لا يتّخذ موقفا، بل يبقي السارق في خدمته. كذلك نرى المستأجرين الذين يجهل وجودهم والّذين يمتنعون عن أداء معين الكراء التافه يتطاولون عليه دون أن يوقفهم عند حدّهم. يدفعنا ذلك للتساؤل: كيف أمكنه بهذا السلوك الحفاظ على ثروة العائلة؟ أتلك طيبة متأصلة فيه أم ضعف فادح؟ سياق العصر يجعلنا نميل نحو الخيار الثاني، وإن أقررنا له بأنه لا يخلو من طيبة وحتى من شهامة. يعطف على ناجية الجارة المطلّقة ويساندها في مساعيها للحفاظ على المقهى، ولا يتكبّر على أحد بما في ذلك المنحرفين السابقين، ويبدي قلقا على منصور الخضّار حتى أنه يترك شؤونه ليستفسر عن تغيير صبغة الدكّان. عكس موقف أمه وزوجته المتعالي على صهره المنجي، يبدي الشاذلي له الكثير من الاحترام، ويكرّر مرارا: هو إنسان عالم.
ربما تكون هذه الطيبة هي ما جعلته محل تقدير من الجميع، أكثر ربما من أصوله الأرستقراطية. يضاف إلى ذلك رصانته الكبيرة وبعده عن التطرّف في الانفعالات، وهو ما أبدع في تجسيده رؤوف بن عمر. فرغم أنه كثيرا ما يغضب، فإنّ الغضب لا يخرجه عن طوره، إلا في أحيان نادرة، كصفعه صليحا في قهوة السوق أو في صيحته: "شيخ الهادي، اخرج من داري". وهذا الخروج عن الطور مفهوم، إذ أنّ ما حدث يتجاوز كل ما يمكن أن يقبله: تصريح أمام العموم بدا له مبتذلا ومهينا له شخصيّا في المرّة الأولى، وممارسة للشعوذة تحت سقف بيت العائلة العريقة في المرة الثانية.
عموما، يبدو سي الشاذلي حازما عندما يتّخذ موقفا، ولكن التجربة أثبتت أنّه سرعان ما يتم تجاوزه. في المثالين المذكورين، بارك زواج صليح من بيّة، واعتذر لتحيفة الذي عاد إلى داره. نلمح هذا التجاوز كذلك في مواقف أخرى: في قضية عمل صفية مثلا، أو عندما أراد منع فاطمة من الذهاب إلى سوسة، قبل أن يستجيب لشفاعة جدّ سهام، أو عند خطبة ابنته فاطمة، فبالرغم أنه أبدى امتعاضا مما اعتبره وقاحة من أحمد في لقائهما الأوّل، إلا أنه رضخ وقبل بالخطبة فيما بعد. يمكن القول أنّ سي الشاذلي أشبه بالملك الدستوري: الكلّ يحترمه ويوقّره، ولكنّ القرار ليس في الحقيقة بين يديه.
(يتبع)

الخميس، 13 فبراير 2020

ما الذي تغيّر بعد مشاهدة الخطّاب على الباب للمرّة الألف؟ 4/1

أنهت القناة الوطنية الثانية يوم الإثنين عرض مسلسل "الخطّاب على الباب" بجزئيه للمرّة الألف. لعلّ من فوائد هذه القناة القليلة جدّا أنّها تعيدنا إلى استرجاع تلك اللحظات المميّزة مع أعمال طبعت ماضينا، والحقّ أنّها لا تعتاش إلّا من ذلك. فعلى الرغم من أنّ هذا المسلسل، كغيره، متوفّر على الانترنت، إلّا أنّ في مشاهدته على التلفزة متعة أخرى. نستعيد ذلك الترقّب اللذيذ لسماع شارة بدايته، ونقلق إن طال انتظاره، فنلعن البرلمان أو ألعاب القوى أو غير ذلك ممّا يؤخّر علينا مشاهدته. نعود مع "الخطّاب على الباب" إلى أجواء المدينة العتيقة في رمضان منتصف التسعينات، هذه المدينة التي كانت تشهد تحوّلات اجتماعية عميقة. ولئن كنّا كدنا نحفظ الحوار في جميع الحلقات من كثرة المشاهدة، إلّا أنّ الإعادة قد تتيح لنا التركيز على بعض النقاط التي ربّما لم ننتبه إليها ونحن ننساق مع لذّة الحكي.


تبدو لي العلاقة بين منّانة وصفيّة من أكثر العلاقات التي تستوجب الوقوف عندها. لطالما كنت منحازا إلى منّانة، وذلك مفهوم. من لا يحبّ الجدّة التقليدية التي توحي بالطيبة المطلقة والتي يكون وجودها في المنزل محلّ كلّ بركة؟ في مقابل ذلك، لا تقصّر للا صفيّة في أن تنفّر الجميع منها: بضيق صدرها وأسلوبها الحاد والمتعجرف أحيانا وحتى في نظراتها التي تقطر سمّا. لكنّ العلاقة أعقد من ذلك. وراء تلك الطيبة الظاهرية، نرى أنّ منّانة تبدع في التلاعب فيمن حولها. كامرأة تعيش وسط الأطلال، لا تقصّر منّانة في تسليط ضغط كبير على ابنها الشاذلي لكي يرتقي إلى المستوى المطلوب منه كسليل وحيد لأسرة عريقة. نرى ذلك واضحا منذ الحلقة الأولى. عندما يأتي سي عثمان إلى منزل العائلة، نرى منّانة تنهر ابنها آمرة "قوم لضيفك" فيهبّ هو مذعورا، وتذكّر هي بماضي الدار التليد في استقبال الضيوف. تقوم بدور الأمينة على تراث العائلة، وتديم التحسّر، بمناسبة أو غير مناسبة، على زوال التقاليد الأصيلة: "وعد الله على هالدار، لاعاد عيدها عيد ولا رمضانها رمضان". تتفنّن في استفزاز كنّتها، فلا تتردّد في دعوة ابنة أختها إلى المنزل على معرفتها بما يثيره ذلك من حساسيات تاريخية، ثمّ تتصنّع بعد ذلك البراءة والغضب، وكأنّها لم تفعل ما يستوجب ملاما. تبرع في إيغار صدر ابنها على زوجته، بكلماتها الموجعة التي تدسّها بدم بارد وسط الحديث، وبزعمها اللامبالاة: "بيناتكم، أنا ما زلت نقول حاجة". يتحوّل التلميح تصريحا في بعض المواقف، عندما طالبت صفيّة بالخروج إلى العمل مثلا. مطالبها مشروعة تماما، خصوصا لامرأة تونسية في التسعينات. هي تزوّجت في سنّ صغيرة فتركت عملها بالبريد، ثمّ انساقت إلى تربية الأبناء والاعتناء بالبيت، فلم تعد إلى العمل. ترفض كلّ الامتيازات المادية المغرية: راتب شهري معتبر، مصوغ باهظ الثمن... وتعلن أنّ هدفها الوحيد هو تحقيق ذاتها. مع ذلك، لا يقابلها زوجها وحماتها إلّا بالاستهجان، بلا سبب حقيقي سوى المحافظة على مظاهر الارستقراطية القديمة: إذ كيف تعمل زوجة الشاذلي التمّار أجيرة؟؟
مع تقدّم الحوار، يصبح الأمر أكثر سخفا، إذ يعترض الشاذلي بكون عملها سيحرمه من قهوته المسائية من يديها، مع قطرة زهر. لمّا تجيبه: ستعدّها لك أمّك، تتدخّل منّانة ساخرة: أنا الزهر بالقطرة ما نعرفوش! تستحقّ صفيّة الإعجاب على تمسّكها العنيد بموقفها حتى تحقيق طموحها. تكمن المفارقة في إهداء الشاذلي المصنع إليها في نهاية الجزء الأوّل، وتحوّلها من أجيرة إلى سيّدة أعمال. لم لم يفكّر منذ البداية في فتح مشروع تجاري لزوجته؟ أخال أنّ العناد وغياب تقاليد الحوار هما ما منع ذلك. نجحت صفية في أن تثبت نفسها كسيدة أعمال مهابة في الجزء الثاني. وبصرف النظر عن مزاجها، يبدو أنّ أكبر فشل لها هو في علاقتها مع ابنتيها التي بقيت على قدر كبير من التوتّر، وهو ما يبدو أنّ صفية توعزه إلى تكبّر آل التمار على عائلتها، وهو ما لم تكن منانة تقصّر في إشعارها به (بنت ناس دافين، أما على قدهم) وكأنّ الشاذلي تنازل ليقبلها زوجة. وأتى رفض ابنتها سعاد الزواج من فوزي تحيفة ليؤكد عند صفيّة هذا التوجّه. "تنتقم" هي، لمّا أصبحت سيّدة أعمال، بمزيد من الصلف، وبتقريب أفراد عائلتها وإيكال وظائف بارزة إليهم على قلّة كفاءتهم، والمقصود هنا إلياس تحيفة.
(يتبع)

الأحد، 9 فبراير 2020

مجلة ماجد... كيف كبرت قبل الأوان؟

أدين لمجلة ماجد بجزء كبير من تكويني الثقافي طوال سنين الطفولة والمراهقة. بدأت في قراءتها منذ أوائل التسعينات، وأظن أن ما كانت تقدٌمه كان لا يضاهى، رغم وجود عدد من مجلات الأطفال التونسية والعربية المتنافسة على الساحة: في الجانب التونسي كانت هناك "عرفان" و"قوس قزح" وكان مستواهما يسير نحو الانحدار. حدث أن اقتنيت من معرض الكتاب مجلدات لعرفان من فترة السبعينات ووجدت أن مستوى المجلة كان أرفع بكثير. كانت هناك أيضا "علاء الدين" التي كانت تبدو لي جافة إلى حد ما. في وقت ما ظهرت مجلة "الشيماء" التي حاولت تقديم مضمون جدي بشكل جذاب، غير أنها كانت باهظة الثمن نسبيا، ولم تستمر طويلا. أما المجلات العربية، فكانت تصلنا منها "باسم" السعودية التي  كانت تعتمد على الإبهار أكثر من العمق، و"العربي الصغير" الكويتية، ولا أذكر عنها الكثير، و"سامر" اللبنانية التي على ثراء محتواها كان وصولها إلينا متقطعا.
كانت مجلة ماجد الوحيدة التي واظبت على قراءتها لسنوات طويلة دون انقطاع، ولا أزال أحافظ على مئات من نسخها القديمة التي كانت رفيقة لياليّ. لم يكن أحبّ إليّ متى وجدت شيئا من الفراغ من نفض الغبار عن نسخة قديمة واستعادة ما بها.
في البداية، كطفل في بدايات التعلّم، كانت تجذبني الصور المتسلسلة، فكنت أتمتع بمطالعة حكايات "كسلان جدا" وأبي الظرفاء وأحاول فهم ما تسرده زكية الذكية وتثيرني مغامرات النقيب خلفان والمساعد فهمان قبل أن  تنضمّ إليهما الملازم مريم. أذكر منها حكاية كانت تملؤني ضحكا عن شاعر شهد حادثا فنظم حوله قصيدة:
بيوت قائمة 
والفجر يعزف أنغامه
لماذا تتلونين أيتها الفتاة بالأحمر؟
سنذهب بالسيارة إلى سنغافورة
توقفوا فالسيارة تطير
والفتاة وردة مكسورة
عنق بجعة. أسنان مشط. طبل. عصاتان.
وبقي فهمان يحاول فكّ رموز هذه القصيدة ليكتشف من ارتكب الحادث. من العجيب أن أتجه إلى كتابة الشعر فيما بعد رغم هذا الموروث الناضح سخرية.
لما كبرت، صار لي صبر على مطالعة النصوص الطويلة نسبيا. أزعم أن المجلة كانت تقدّم محتوى متكاملا يفوق مستوى الثقافة الذي يمكن أن نتوقعه من طفل أو مراهق. كانت العلوم الطبيعية والتجريبية تقدّم بشكل مبسّط في "من كل بستان زهرة". أما "أحباب الله" فكان يقدّم محتوى دينيا تاريخيا. وكانت دائرة المعارف، التي ولعت بجمع قصاصاتها، تقدّم محتوى متنوعا في الجغرافيا والتاريخ والعلوم والفنون وحتى في الطبخ. أما جميع النكت التي كنت أحفظها آنذاك، فلم تكن تعدو ما ينشر في "ضحك ولعب وجد". أذكر أنه كان هنالك كذلك ركن رياضي أخاله كان غير قار، تعلمت من خلاله الكثير بالخصوص عن تاريخ كرة القدم، فأغرمت من خلاله بمنتخب المجر الذهبي الذي لعب نهائي 1954، وبقي ذلك الولع، حتى أنني كتبت حوله مقالا بعد سنوات طويلة. أما أكثر ما كان يعبّر عن جانب الالتزام في الطرح الذي تقدّمه مجلة ماجد فهو اعتناؤها البالغ بالقضية الفلسطينية. كان ذلك بالخصوص من خلال ركن "عيون تراقب العدو" الذي يقدًم نظرة عن تاريخ الصراع العربي الصهيوني ولمحات عمّا تكتبه الصحف الاسرائيلية. تصوّروا طفلا في العاشرة يعرف ما تكتبه "يدعوت أحرونوت" و"معاريف" و"عال همشمار" ويدرك النزاعات بين الأشكيناز والسفارديم! أذكر جيدا قصة العميل 512 وهي قصة عملية استخبارية على طراز رأفت الهجان داخل الأراضي المحتلة وداخل مفاعل ديمونا تحديدا. الانتماء إلعربي كان كذلك مما وعيته من مجلة ماجد، التي كانت تكرّر دائما شعار "من المحيط إلى الخليج". في حلقة لزكية الذكية حول العملة الأروبية الموحدة، حلم أخوها بدينار عربي موحًد. يا له من حلم لا يزداد إلا بعدا!
لا أكاد أحصي عدّا لآثار مجلة ماجد عليّ. أحسب أن جميع محاولاتي الأدبية الأولى كانت تقليدا لما كان يرد في ماجد. كنت أكتب وأرسم مجلة أغلب أركانها مستقاة مما في ماجد، فيصبح النقيب خلفان مثلا الجنرال حمزة. تعلّقي باللغة العربية بدأ كذلك مع ماجد. غير أني أخال أن أكبر أثر لها عليّ كان في تلك النظرة المثالية المترفعة تجاه الحياة بأسرها، وأخال أن ظلال هذه النظرة لا تزال ماثلة فيّ إلى الآن.
لم تخل مجلّة ماجد من بعض الشوائب. في جانب  منها، كانت من أجنحة الدعاية لدولة الإمارات ونظامها الحاكم. كانت أكثر الأعداد التي تضجرني تلك التي تعنى بعيد الجلوس وما شابهه إذ كان الجانب الاحتفالي يحتل حينها قسما كبيرا من المجلة، حتى صار ذكر الشيخ زايد، رحمه الله وغفر له، يكلفني من أمري رهقا. كما لم يخل باب "أحباب الله" من نظرة ماضوية، أقرب للسلفية. مما أذكره منه النظرة التمجيدية للغاية للإمام أحمد بن حنبل على حساب المعتزلة الذي لم يكن فكرهم يقدّم إلا بكونه معتقدا خاطئا. كانت هذه النظرة التمجيدية تشمل كل الصحابة والتابعين وحتى المتأخرين إذ نجد مثلا إكبارا  للمستعصم، الخليفة الذي أضاع ضعفه بغداد والخلافة، لعطفه على الفقراء والمساكين! كان خليل الحداد، محرّر هذا الباب، يشرف كذلك على باب "أنا عندي مشكلة" الذي كان يبثّ من خلاله أفكارا من قبيل أن المسلم الحقيقي لا يصاب بأزمات نفسية!
لم يمنعني ذلك من مواصلة الإقبال على مجلة ماجد إلى مرحلة متأخرة، لا سيما أن سعرها بقي طوال سنوات في حدود ستمائة مليم. حتى لما كبرت، بقيت أتعلل بأختي الصغرى لأواصل اقتناءها. ولم أكفّ عن قراءتها إلا وأنا في الجامعة. حدث بعد سنوات أن اقتنيت منها نسخة فوجدتها تتّجه نحو الإبهار في الصورة والتخفيف من المحتوى، فأضربت عنها، ولا أدري إلام آلت الآن.

الخميس، 6 فبراير 2020

هل من معنى للحديث عن التطبيع الرياضي؟


ككلّ مرّة، يعود الجدل حول التطبيع حينما تُوقعنا "صدفة" ما في لقاء رياضي مع الكيان الغاصب. وهذا ما حصل عندما "فوجئنا" أنّ القرعة أوقعت المنتخب الوطني للتنس (سيّدات) في مواجهة غير محبّذة بالمرّة. لعبت أنس جابر وشيراز البشري، وانتصرتا. لكنّ هذا لم يمنع وزارة الشؤون الخارجية من إصدار بيان يدين هذا اللون من "التطبيع" ويذكّر بـ"مواقف تونس الثابتة". وتجنّد الرأي العام بين مدافع ومخوّن، في معركة كلامية داخلية تكشف ولا شكّ هلاميّة الطرح كلّما تعلّق الأمر بمسألة على هذه الشاكلة.
من دواعي السخرية أن نتحدّث عن عنصر المفاجأة. يُشارك في هذه الدورة من "فيد كاب" في هلسنكي الفنلندية ثمانية فرق من مجموعة افريقيا وأروبا تقسّمهم القرعة إلى مجموعتين. يعني ذلك أنّ نسبة وقوعنا في نفس مجموعة إسرائيل كانت وافرة للغاية، حتّى قبل أن نذهب. إذن كان علينا منذ البداية أن نختار: إمّا ألّا نذهب، وإمّا أن نعدّ مسبقا موقفا لمثل هذه الفرضية غير المستبعدة بالمرّة، لا أن نرتبك ونرتجل المواقف في آخر لحظة. طبعا قد يبدو خيار "ألّا نذهب" غير معقول، ولكن إذا كانت مواقفنا ثابتة حقّا إلى هذا الحدّ، فمن المفترض أن نمتنع عن المشاركة في أيّ تظاهرة رياضية يمكن أن تجمع ممثّلي تونس بممثّلي الكيان الغاصب. بل لو شئنا التعمّق أكثر، فمن المفترض أن نسحب عضويّتنا من كلّ اتحاد رياضي يقبل إسرائيل عضوا فيه. أليس القبول بعضوية اسرائيل في اتحاد التنس الدولي تطبيعا من الأساس؟ ولنتصوّر أنّ المسألة طُرحت في رياضة أكثر شعبية. ماذا لو أنّ القرعة أوقعت مثلا منتخب كرة القدم مع إسرائيل في إحدى مجموعات كأس العالم، بعد مشوار ترشّح مضن؟ هل كنّا لنطلب منهم الانسحاب بهذه السهولة ونأسف لهذه الصدفة اللعينة؟  أم أنّنا نستقوي فقط على فتيات يمارسن رياضة غير شعبية؟ وماذا لو جمعت "الصدفة" رياضيا تونسيا بآخر من إسرائيل في الدور النهائي من رياضة ما خلال الألعاب الأولمبية؟ هل نطلب منه الانسحاب ونخسر ميدالية مستحقة تضاف لرصيدنا الضعيف أصلا؟
كلّ المواقف المذكورة واردة. تحقّقها يبقى فقط رهين بعض الحظّ. عوض أن ننتظر وقوعها لنصيح ونندّد ونستنكر ونخوّن، من المفروض أن يكون لنا اتّجاه واضح لا ننتظر لتحديده شيئا من الصدفة. هذا الاتّجاه لا يمكن أن يخرج عن ثلاث:
1- أن تعلن تونس، من جانب واحد، انسحابها من جميع الاتحادات الرياضية التي تضمّ إسرائيل ضمن أعضائها. طبعا سيعني هذا عزلة رياضية دولية، ولن يحذو على الأرجح حذونا أيّ بلد صديق أو شقيق، لكن ماذا يهم؟ المهمّ فقط أن تحافظ تونس على "مواقفها الثابتة".
2- أن تنسّق تونس مع البلدان التي تشاركها نفس الموقف من القضية الفلسطينية للضغط على الاتحادات الرياضية الدولية لطرد إسرائيل من عضويتها. ليس ذلك بأمر مستحيل، وسبق ان تحقّق مثله، فجنوب افريقيا، وقت نظام الميز العنصري، كانت محظورة من المشاركة الدولية في أغلب الرياضات وحتى من المشاركة في الألعاب الأولمبية منذ 1960 وحتى 1992. من المفترض أنّ قوّة العدد (الدول العربية والإسلامية ودول الجنوب) تمكّن من تسليط ضغط كاف في هذا الصدد. لكنّ ذلك يتطلّب تنسيقا دبلوماسيا كبيرا ومواجهة لضغوط دولية لا أحد مستعدّ حقّا لتحمّلها، في الوقت الحاضر على الأقل.
3- أن نعتبر أنّ الرياضة لا تعني أكثر من الرياضة، فلا نحمّل بذلك رياضيينا عبئا سياسيا في كلّ مواجهة، ولا نتهّمهم بالاعتراف بإسرائيل، وهو اعتراف لا هم قاموا به، ولا احتاجته إسرائيل منّا لتنشط رياضيا على المستوى الدولي. كلّ ما يمكن أن نطلبه منهم هو أن يبذلوا جهدا مضاعفا لتحقيق ولو انتصار رمزي بسيط في زمن عزّت فيه الانتصارات، وهو ما قامت به باقتدار أنس وشيراز. حظّا طيّبا لهما ولكلّ الفريق في بقية المشوار!