الجمعة، 28 ديسمبر 2007

ملخص حياة بي نظير بوتو


روى لي جدّي القصة التالية: بينما كان يؤدّي فريضة الحج، التقى بحاج باكستاني يجيد العربية و تجاذبا أطراف الحديث. قال الباكستاني: إنّ لكم في تونس رئيسا جيّدا. أجابه جدّي: و أنتم لكم أيضا بي نظير بوتو. قال الباكستاني بازدراء: ما هي إلا امرأة!

لعلّ تاريخ حياة بي نظير بوتو و موتها قد يتلخص في هذه الكلمات القليلة: المرأة التي مارست السياسة في بلد اسلامي.

الأربعاء، 26 ديسمبر 2007

حول "نجمة نهار" لمحمد ادريس

شاهدت منذ بضعة أسابيع مسرحية "نجمة نهار" في اطار أيام قرطاج المسرحية و هي من اخراج مدير المسرح الوطني و المدرسة الوطنية لفنون السيرك محمد ادريس و قد دعاني إلى مشاهدتها المقال المعرف بها إذ دغدغني الفضول لمشاهدة عطيل جديد يعيش في القرن الحادي و العشرين و تشوقت لأن أتبين البصمة التونسية المرسومة على هذا العمل و قدذهبت و تفرجت لكنني لم أشاهد عملا مسرحيا بل شاهدت مسخا لمسرحية।

كان العمل مجرد ترجمة للنص باللهجة الدارجة إذ لم ألحظ أي اضافة للنص الأصلي.حافظ صاحب العمل على جميع مكونات النص الشكسبيري: نفس الشخصيات و المكان و الزمان و لكن فقط أصبح عطيل(أو أوثيلو لأن من صاغ العمل اختار أن ينكر أثر خليل مطران) يتكلم باللهجة التونسية و هو ما شكل صدمة للمشاهد خصوصا و أنّ عطيل و صحبه كانوا نصارى و لا يترددون بالتصريح بعدائهم للعثمانيين المسلمين .إذن كنا أمام "تونسيين" نصارى معادين للمسلمين. لماذا لم يحذف المخرج مثل هذه المقاطع إن كان يريد حقا أن يكون عمله "مواكبا للعصر"؟ لعله يبرر ذلك باحترام النص الأصلي و لكن إذا كان حقا يريد أن يقدم اقتباسا يواكب العصر كان لا بد من أن يغير في النص و إلا لا معنى لمواكبة العصر المزعومة هذه فهذا التقيد بحرفية النص لا يمكن أن يفسر إلا بكونه نكولا من الابداع. أذكر أني شاهدت شريطا سينمائيا أمريكيا يحمل اسم "أوثيلو" دون أن يكون البطل حاملا لنفس الاسم اذ تم تغيير الزمان و المكان لتتناسب بحق مع قضايا العصر فأصبح عطيل الجديد طالبا أميركيا ذا بشرة سوداء يعيش علاقة غرامية مع طالبة بيضاء في مجتمع لم تفارقه النظرة العنصرية.. و أعود لمشكل اللهجة التونسية التي كان استعمالها مولدا لسوء فهم. عندما يخاطب المشاهد باللهجة الدارجة فإنه من الصعب لديه أن يغوص في الطابع الانساني الكوني للمسرحية بل يفهمها و كأنها تعالج قضية من قضايا حياته اليومية لأن الدارجة لم تكن قط لغة أدب و أكدت من خلال هذا العمل أنه من الصعب أن تكون كذلك و تجسم ذلك من خلال موقف المشاهدين الذين أبدوا في عدة مناسبات ردّ فعل مخالف تماما لما من المفروض أن يكون، فقبل أن يقتل عطيل ديدمونة سألها: صليت اليوم؟ و إذا بالجمهور ينفجر ضاحكا(اي نعم، مأساة شكسبير تحولت إلى قطعة فكاهية). و أعاد الجمهور نفس رد الفعل عندما أصاب عطيل ياجو فقال هذا الأخير"ما قتلتنيش!"
و يبدو أن الأزياء الحديثة و النظارات الشمسية و البنادق الآلية كانت تندرج أيضا في اطار "مواكبة العصر".كان هذا في الحقيقة مدعاة للسخرية فمظاهر القرن الحادي و العشرين تظهر في القرن 15.ما المفروض أن يعنيه ذلك؟ إذا كان ارتداء عطيل لزي حديث يحعل المسرحية تواكب أحداث العصر فهذا أسخف ما يمكن أن يفعل لإبراز ذلك و المؤسف أنّ العمل فعلا لم يحمل من مظاهر العصرية إلا الأزياء
أما نلك الحركات البهلوانية التي كان يقوم بها الممثلون فلم أر أيّ علاقة لها بالبناء الدرامي للعمل فالمسرحية من المفترض أن تكون "ذهنية" بعيدة عن هذه الاستعراضات .التفسير الوحيد الذي وجدته لاقحام هذه المشاهد هو أن مخرج المسرحية هو مدير مدرسة السرك
و لكي لا أكون ممعنا في السلبية ينبغي أن أنوه بالأداء الجيد لجمال ساسي الذي أحسن أداء دوره و كان بعيدا عن الانفعال المبالغ فيه و المبتذل أحيانا الذي ميّز أداء باقي الممثلين