الأحد، 24 يناير 2010

عندما غضب الأقطاب...

سال حبر كثير، و انعقدت محاكمات، و وجّهت اتّهامات، و أدلى كلّ من يعرف و من لا يعرف برأيه...أشعلت شيش (جمع شيشة) و شربت كابوسانات و ألونجيات و هدرت الأصوات في أكثر النقاشات حدّة، كيف لا و هي تمسّ مسألة حياة أو موت: من المسؤول؟ أ هي الجامعة؟ الإطار الفنّي؟ لماذا لعب فلان على اليمين؟ ماذا يفعل فلتان إذا كان راقدا؟ أ كانت الإعدادات رديئة إلى هذه الدرجة؟ و لكن لم يعرف أحد السبب الحقيقي في هذه الخيبة رغم أنّه بسيط للغاية، و لكنّي توصلّت إليه بفضل من الله توفيقه و الحمد لله على نعمة العقل...

لم ينتبه أحد إلى إشهار اتّصالات تونس عن المنتخب الوطني، ذاك الّذي تتحوّل فيه "نمدح الأقطاب و رجال تونس بالجملة" إلى "نمدح الأولاد و رجال تونس في الكورة". إشهار طريف بلا شكّ، و لم يقصد صاحب الفكرة ضررا، فقط كانت "فازة" مبتدعة لشحذ الهمم و رفع العزائم و تأكيدا لثقتنا الكبيرة جدّا في "لولاد" و مدرّبهم القطب الأعظم الّذي بايعته الجماهير الغفورة (كما يقول فيلمون وهبي) ليسافر بأحلامنا و طموحاتنا و آمالنا إلى بلد الأهوال. و لكنّ الإشهار مسّ، دون قصد طبعا، أولئك الراقدين تحت التراب الّذين تعيش البلاد ببركتهم و تستمطر السماء بأسمائهم، أقطاب تونس.

حار الأقطاب و تعجّبوا من هذه الخيانة و تساءلوا:إذا كنّا قدّسنا لأنّا قرّبناهم من الله، فلماذا يقدّس هؤلاء؟؟؟ أ أتى علينا زمان يزاملنا فيه سيدي خالد القربي مجترح المعجزات في لوبانغو و سيدي زهير الذوادي (ليس الباحث في الجامعة التونسية) الولي الأعسر المظلوم؟ كان سيدي سالم أكثرهم غضبا، كيف لا و "عليك نغنّي يا سيدي سالم" إلى "عليك نعمّل يا فوزي البنزرتي" ( مع أنّها مقارنة مشرّفة، ففوزي البنزرتي كان محل إجماع وطني لم يحصل منذ مدّة طويلة). و في النهاية قرّر الأقطاب أن يمنعوا بركتهم عن المنتخب. و كان ذلك جليّا في كلّ المقابلات: لم يحضر الأقطاب ليعينوا الدرّاجي على التعافي إثر مقابلة زمبيا، و لم يعينوا جمعة على تجسيم توزيعة الذوادي في مقابلة الغابون، و امتنعوا عن مساندة الميكاري أمام المرمى في مقابلة الكاميرون. هذا واضح أشدّ الوضوح !

علينا الآن عوضا عن "الرويق الفارغ" في وسائل الإعلام أن نعدّ "وعدة" لكلّ قطب من الأقطاب حتّى يسامحونا على تقصيرنا الكبير في حقّهم، و من يدري، لعلّهم يرضون فنرفع كأس إفريقيا 2012. و على أيّ حال، لن يضرّ ذبح بعض العجول، فهو أرخص بكثير من إصلاح جامعة الكرة أو إصلاح مراكز التكوين أو انتداب مدرّب أجنبي.