السبت، 23 فبراير 2008

الاشكال القانوني في ترشّح أحمد نجيب الشابي

كما هو معلوم، أعلن الحزب الديمقراطي التقدّمي عن ترشيح أمينه العام السابق أحمد نجيب الشابي ليخوض الانتخابات الرئاسية لسنة 2009 ليكون بذلك أوّل من يعلن ترشّحه في انتظار أن تسفر المناشدة في الجانب الآخر عن ترشّح ثان. ترشّح الشابي لا يستجيب لشرط الفصل 66 من المجلّة الانتخابيّة الّتي يحيل اليها الفصل 40 من الدستور لأنّ الترشّح يجب أن يقع تقديمه من طرف 30 نائبا في مجلس النواب أو 30 رئيس بلديّة في حين أنّ رصيد الديمقراطي التقدّمي فارغ تماما في هذا و ذاك، كما أنّ جمع العدد المطلوب بالتحالف مع أحزاب أخرى أمر أكثر من المستبعد لأنّ علاقة هذا الحزب بالأحزاب البرلمانية متوتّرة للغاية. هذا المانع القانوني لم يغب عن ذهن الشابي، و هو رجل القانون، اذ أشار إليه في كلمته بعد اختياره:"انّ النظام القانوني الحالي الذي يفرض على المرشح إلى الانتخابات الرئاسيّة أن يحصل على تزكية ثلاثين عضوا من المجالس التي يسيطر عليها الحزب الحاكم لا يفتح مجال المشاركة في هذه الانتخابات الا لمرشّح هذا الحزب وحده. لذلك تلجأ السلطة كلما اقترب الموعد الانتخابي الى تعديل الدستور و السماح للأحزاب الممثّلة بإرادة منها في البرلمان بتقديم مرشّح عنها مغلقة بذلك الباب في وجه الشخصيات الوطنية و أحزاب المعارضة السياسية".
و لم يطرح الشابي رؤيته لكيفيّة تجاوز هذا المانع القانوني، بل أنّه يصرّ على المضيّ قدما في ترشّحه رغم وعيه بوجود هذا المانع، فتمرير الترشّح لا يمكن أن يكون بتطبيق القانون كما هو، بل أنّه يستوجب اذن قانونا استثنائيا على مقاس الشابي في حين أنّ هذا هو نفس ما يؤاخذه على القوانين الدستورية الاستثنائية التي سبقت انتخابات 1999 و 2004 و الّتي سمحت لأحزاب المعارضة البرلمانية بتقديم مرشّحين للانتخابات الرئاسيّة (بتجاوز الاحالة الى المجلّة الانتخابيّة و تعويضها بشرط أقدميّة في حزب برلماني) و هو يستمدّ قدرته على الضغط من المصداقيّة الّتي أضحى يتمتّع بها كـ"معارض أوّل" في الرأي العام الغربي و هو ما تجسّم في حضور عدد كبير من ممثّلي وسائل اعلان سفارات الدّول الغربيّة للندوة الصحفيّة الّتي أقامها التقدّمي للاعلان عن هذا الترشيح( وليس من باب البراءة أن يكون أوّل ما افتتحت به صحيفة الموقف المقال الموشّح لصحفتها الأولى ليوم 15/02/2008 بتعداد من حضر من ممثّلي وسائل الاعلام و السفارات) و لا يمكن أن يؤثر فيه
استهجان أحزاب الوي-وي لترشّحه الا بصورة ايجابيّة باكسابه مصداقيّة اضافيّة لكونه النقيض لأحزاب المعارضة الّتي لا تعارض . حسبما يبدو، فانّ الشابي يضع السلطة أمام 3 احتمالات:
الاحتمال الأوّل هو اصدار قانون استثنائي يمنح للأحزاب البرلمانيّة وحدها حقّ تقديم مرشّحين للرئاسة، و في هذه الحالة يقصى الشابي من دخول هذه الانتخابات و في هذه الحلة سيثيرها حملة اعلاميّة شعواء ضدّ السلطة الّتي لا تسعى لادخال نفس ديمقراطي و لا تدعم الا معارضة الديكور و سيتّهمها بعدم النزاهة و الخوف من المواجهة وووو.. و هذا ما سيضع السلطة في مأزق خاصة بعدما أظهر الشابي قدرته الفائقة على كسب تعاطف الرأي العام العالمي في "معركة المقر" الّتي انتهت في النهاية لصالحه.
الاحتمال الثاني هو اصدار قانون استثنائي يسمح لأيّ مسؤول قضّى فترة معيّنة صلب قيادة أيّ حزب، برلمانيّا كان أو غير برلماني، بالترشّح و هذا الاحتمال مستبعد للغاية لأنّه سيكون عمليا اذعانا لمطالب الشابي لا يمكنه أن تقبله السلطة.
الاحتمال الثالث هو عدم اصدار أيّ قانون استثنائي و بذلك يكون الحزب الحاكم هوالحزب الوحيد قانونا القادر على تقديم مرشّح، وبالتالي سيكون هناك مرشّح واحد للانتخابات الرئاسيّة و هو ما سيكون وقعه سيّئا للغاية في الرأي العام العالمي خاصة وأنّه سيأتي بعد موعدين انتخابيين كانت فيهما الانتخابات الرئاسيّة تعدّديّة، الا أنّه يمكن "اقناع" عدد من الأحزاب بالتحالف فيما بينها لتقديم مرشّح وحيد غير أنّ ذلك سيكون لعبة مكشوفة لأنّه لا يوجد، الى حدّ الآن، أحزاب متقاربة لدرجة تكوين تحالف و حتّى ما يعرف باللقاء الديمقراطي (المكون من حزب الوحدة الشعبية و الاتحاد الديمقراطي الوحدوي و الحزب الاجتماعي التحرّري و حزب الخضر للتقدّم) فانّه ،و بغضّ النظر عن كونه لا يشكّل تحالفا بالمعنى الحقيقي للكلمة،لا يملك النصاب القانوني لتقديم مرشّح وفاقي(عدد نواب هذه الأحزاب مجتمعة 20 نائب) الا اذا دخلت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين على الخط و انضمّت لهذا اللقاء (أتساءل في هذه الحالة من سيكون المرشّح الّذي سيجمع بين الاشتراكيّة و القوميّة و الليبراليّة و "حب البيئة"!).
كلّ هذه الاحتمالات اذن لا تبدو مرضيّة ، فهل يعني ذلك أنّ السلطة ستجد نفسها في مأزق عويص الحل أمام ترشّح الشابي؟
للاجابة عن هذا السؤال، ينبغي التساؤل عن المقصد من وراء تواجد قاعدة الثلاثين نائبا هذه. انّه يكمن في جعل الترشّح لرئاسة الجمهوريّة ترشّحا جدّيا بمعنى أنّه لا يمكن تمكين أيّ مواطن من الترشّح بصفة آليّة اذا رغب في ذلك لأنّ ذلك سيؤدّي الى ترشيح المئات و ربّما الآلاف بل يجب تقديم ما يفترض أنّ من يريد الترشّح له من الوزن ما يمكّنه من المنافسة الجديّة و هو ما يمكن أن يفترض من وجود عدد من النواب أو رؤساء البلديات يساندون الترشّح في حالة القانون التونسي.
هذه القاعدة منطقيّة و معمول بها في جلّ الأنظمة السياسيّة و لا أعتقد أنّ هناك جدوى حقيقيّة من حذفها أو حتّى استثنائها كما وقع سابقا لأنّ الاستثناءات الّتي تتكرّر في كلّ موعد انتخابي تجعل من القاعدة هباء منثورا، و لكن يمكن في المقابل تليين القاعدة دون مساس بالدستور: فـ 30 نائب عدد كبير تتحقّق الجديّة بأقلّ منه، فيكفي تعديل المجلّة الانتخابيّة لتنصّ على عدد أقلّ من النواب(10 أو 5 مثلا) و يذلك لا تكون هناك حاجة لتعديل الدستور ليكون ترشّح المعارضة "بالمزيّة" (لأنّه من المفروض أنّ الدستور لا يمكن أن يعدّل يشكل متواتر) و في نفس الوقت تتمّ المحافظة على شرط الجديّة و اعلان تعديل المجلّة الانتخابيّة خطوة(دائمة في هذه الحال و ليست استثنائيّة) نحو مزيد الانفتاح و تمكين المعارضة من المساهمة بشكل أكثر فعاليّة. ستكون نتيجة هذا التعديل "غير المباشرة" اقصاء الشابي من خوض الانتخابات و لكن سيكون ذلك بالمحافظة على "روح القانون" بما أنّ حزبه لا يملك حتّى هذه "الجديّة المخفّفة" و لن يمكنه بالتالي الاحتجاج بتعنّت السلطة و رفضها لفتح الطريق أمام المعارضة الحقيقيّة (الّتي يمثّلها هو بالطبع!) و سيتعيّن عليه اثبات جدّية حزبه من خلال الانتخابات البرلمانيّة من خلال كسب مقاعد في مجلس النواب ليتأجلّ ترشّحه الى الرئاسيّة إلى الانتخابات القادمة و هذا ما لا يبدو بديهيّا في ظلّ غياب برنامج واضح أو حتّى ايديولوجيا محدّدة لهذا الحزب الّذي يبدو أنّه أصبح ناديا لكلّ من يريد قول لا و كفى اذ ربمّا يكون فعلا الحزب المعارض الوحيد و لكنّه عاجز الى الآن أن يقدّم البديل، البديل الّذي ربّما لا يمكن أن يوجد داخل أحزاب.

هناك 12 تعليقًا:

Bel Malwene يقول...

شكرا على هذا التحليل القيم.

الكاتب يقول...

عفوا، لكنّ تحليلك فيه الكثير من التحامل على الشابّي وفيه ايضا تبرير للواقع السياسي للبلاد. تلمّح الى وجود نوع من التناقض في مسعى الشابّي الى تعديل القوانين الإنتخابية الإستثنائية، وكأنّ تلك القوانين شرعية أصلا وهي التي وضعت تحديدا على مقاسه لإقصائه في المناسبات السابقة. فإلى حدود سنوات قليلة ماضية كان الحزب الديمقراطي التقدّمي هو الحزب المعارض القانوني الحقيقي الوحيد الموجود خارج البرلمان بسبب مواقفه تحديدا، ولأنّه لم يقبل دور الديكور الذي تلعبه الأحزاب الموجودة تجت قبّة البرلمان نتيجة لإرادة السلطة لا لإرادة الناخبين كما يعلم الجميع.

اليوم، لم يصر وحده، اذ انضمّ اليه حزب التكتّل في نفس الوضعية "القانونية"، كما انّ حركة التجديد بعد مؤتمرها الأخير عادت فعليا الى دورها كمعارضة جدّية، ممّا يجعل منها الحزب المعارض الوحيد داخل البرلمان، لكن بنائبين اثنين فقط.

تحدّثتَ ايضا عن الشرط القانوني المتمثّل في الحصول على تواقيع 35 عضو برلمان أو رئيس بلدية وأشرت الى أنّه شرط طبيعي وضروري. لكنّك تناسيت على ما يبدو انّ هذا الشرط وضع في عهد بورقيبة لقطع الطريق على الترشّحات المنافسة له، بعد تتويجه رئيسا مدى الحياة وبعد سابقة تقديم المستقلّ السيّد الشاذلي زويتن لترشّحه لرئاسيات سنة 1974. وان كان صحيحا انّ بعض الدول كفرنسا لها قوانين مماثلة، الاّ أنّه من العجيب مقارنة نظامنا السياسي غير الديمقراطي حيث تزوّر العملية الإنتخابية من الفها الى يائها بديمقراطية فرنسا. الى ذلك، فإنّه هناك دول كثيرة تعتمد نظاما آخر في الترشيحات ويتمثّل في اشتراط توقيع عدد معيّن من المواطنين على لائحة دعم لمرشّح ما، كالبرتغال على سبيل المثال التي تشترط سبعة آلاف توقيع.

وختاما، أجد أنّّه من المغالطة بمكان الإيحاء بأنّ الحزب الديمقراطي التقدّمي ليس حزبا "جدّيا" أو أنّه لا يملك برنامجا. فالأكيد أنّه وان كان حزبا غير اديولوجي، وذك خيار أصحابه، فإنّه يحمل برنامجا اصلاحيا معقولا في مختلف المجالات. ولا أعتقد انّ اشارتك غير البريئة الى اهتمام الغرب بالحزب تحتاج الى تعليق لأنّها تنضح تحاملا غير عادل، فالجميع يعلم في تونس انّ الديمقراطي التقدّمي هو أهمّ حزب معارض على الساحة لنضاليته ولإنتشاره الواسع في مختلف جهات البلاد، رغم التضييقات التي تمارس عليه ورغم حرمانه من الدعم المالي العمومي. ولذلك وحده هتمّ به لمتابعون للشأن السياسي بالداخل وبالخارج.

أرجو ختاما، ان تتسّع ديمقراطيّتك لنشر تعليقي هذا. والسلام

فيم يخصّ

غير معرف يقول...

تعليق رئيس شعبة الديمقراطي التقدمي في الخارج يذكرنا بمنهج سياسي من الموالات التبعية الضيقة لا يحتاج لتذكير أحد به...
كسكسلو يرجع لأصلو

غير معرف يقول...

غير معرف @
Ce que vous dites ne sont que des futilités qu'apportent les aliénés du RCD de tout azimut et dont tout le monde connaît la provenance et l'absence de crédibilité!

حمزة عمر يقول...

@ النسر الأسود: ترشّح الشابي أرى فيه نوعا من التحدّي و "التبوريب" على القانون، فالرجل واع بأنّه لا يجمع شروط الترشّح و مع ذلك يصرّ عليه. المفروض أنّ المنطق يقتضي أن يحصل على ما يكفي من أصوات النواب مايمكّنه من تعديل القانون ثمّ يترشّح. اذا كان يرى أنّ القانون غير مشروع فما عليه الا أن يسعى الى تعديله أوّلا لا أن يتحدّاه فهو اذا اختار أن ينشط في اطار قانوني فما عليه الا أن يحترم ذلك الاطار و اذا كان يشتكي من أنّ الانتخابات تزوّر و يتمّ التلاعب بها فانّ ذلك يعني أنّه اختار النشاط في اطار(الاطار الحزبي) غير ناضج بشكل يسمح حقّا باحداث تغيير حقيقي لأنّه اذ اختار تكوين حزب فانّ ذلك يعني أنّه يقبل بقواعد اللعبة وبشكل أوضح يعني أنّه يقبل اختار أن يكون من جزء من الديكور كما فعلت ذلك أحزاب الوي-وي..ليس لي مشكل مع الشابي فهو جدير بالاحترام لأنّه رفض أن يكون من المعارضين الّذين لا يعارضون و لكن لي مشكل مع الأحزاب، كلّ الأحزاب لأنّي أعتقد أنّ دورها ليس خلق الديمقراطيّة بل تجسيم الديمقراطيّة أمّا اذا وجدت الأحزاب قبل الديمقراطيّة فانّ ذلك يكون من باب "الحصيرة قبل الجامع"..لا يمكن أن تنشط الأحزاب حينما ما زال معظم الشعب يخاف من كلمة "معارض" و يفرّون اذا ما ٍاوا شخصا يقرأ "الموقف" مثلا.. كيف يمكن أن يكون ترشّح الشابي جدّيا اذا كان هناك أكثر من مليوني منخرط في الحزب الحاكم مقابل بضعة آلاف لحزبه هو؟ عندما تحدّثت عن الدعم الخارجي للشابي، لم أقم بذلك من باب التخوين أو الاتّهام بـ"الاستقواء بالأجنبي" و لكن أرى أنّها وسيلة ضغط تعبّر عن اليأس من المجتمع ومن تغيير المجتمع بواسطة المجتمع، و بالمناسبة الشابي نفسه لم يرفض الدعم الخارجي و قال عندما زاره السفير الأميركي عند قيامه باضراب جوع:"لن أرفض مساندة من أيّ أحد جاء ليدعمني". اذا كنّا وصلنا حقّا الى مرحلة نستحقّ فيها الديمقراطيّة فلن نكون في حاجة لأيّ دعم خارجي لأنّ القوّة الموجودة في المجتمع ستكون أكثر من كافية و هي قوّة لم توفّرها الأحزاب و لا يمكن أن توفّرها حسب رأيي.
فيما يخصّ "ديمقراطيّة" مدوّنتي، فانّي لم أحذف حتّى التعاليق الّتي أهانت شخصي قما بالك بتعليق يلتزم بآداب الحوار و يتعالى عن لغة السباب؟ مرحبا بك و ان شاء الله يكون حوارنا بنّاء.

الكاتب يقول...

أهلا أبو معاذ وقبل كلّ شيء شكرا على أسلوبك المحترم في النقاش.

انت تتحدّث مرّة أخرى عمّا ترى أنّه تناقض في موقف الشابّي مع ماتراه "منطقًا". لكن المنطق الديمقراطي يقتضي ان يٌسَمح لكلّ زعيم حزب معارض حقيقي الترشّح لمنافسة رئيس الدولة في الإنتخابات. هذا هو المنطق الغائب في حياتنا السياسية المقلوبة على رأسها والتي يحاول الشابّي تصحيحها برفض التمييز ضدّه وضدّ كلّ المعارضين الجادّين وليس الأمر تحدّيا غير منطقي كما تعتقد. وحتّى التحدّي في حدّ ذاته يصير أحيانا أمرا مطلوبا لتغيير الأوضاع المعوّجة. فكم من تحدّ لما هو "قانوني" التجأ اليه أحرار العالم ضدّ قوانين الإستعمار والإستبداد ومكنّهم بالمثابرة والمراكمة من تغيير هذه الأوضاع شيئا فشيئا.

بإختصار، نحن نرى انّ شرعيّة الأفعال لا تأتي من التزامها بمناحي قانونيّة حرفية ضيّقة وانّما تتأتّى من مدى مشروعيّتها فكريا وأخلاقيا وتاريخيا. وفي هذه المرحلة التاريخية، وبعد مرور أكثر من عشرين عاما متواصلة على حكم فريق "التغيير" نرى أنّه حان الوقت للعمل على احداث التغيير الحقيقي ولو تطلّب الأمر تحدّيا وخروجا عن قوانين اللعبة غير العادلة والمفروضة قسرا.

أمّا فيما يخصّ الموقف من الأحزاب، فذلك لعمري موقف ايديولوجي أحترمه ولا أوافقك فيه. عمليّة التغيير الديمقراطي هي بلاشكّ عملية تاريخية تحتاج الى وقت، لكنها لا تأتي بغتة ومن فراغ وانّما تكون نتيجة لتراكم النضالات والخبرات، والأحزاب هي أفضل ما أنتجت البشرية من أطر لتحقيق هذا التراكم. أرى أنّه من السذاجة بمكان الإعتقاد بإمكانية احداث تغيير سياسي جوهري من دون أحزاب. بل وحتّى حمَلة الفكر الثوري كان لهم أحزاب، واكتفي بمثال لينين وحزبه البلشفي الذي قاد الثورة البلشفية في روسيا.


أمّا فيما يخصّ "الدعم الخارجي"، هناك فرق بين عدم رفض مساندة ممثّل لدولة جاء ليعبّر عن موقف دولته وهو مالايعني بالضرورة تبعية لهذه الدولة أو قبولا بسياساتها (وعلى كلّ حال مواقف الشابّي والح.د.ت من القضايا القومية أفضل شاهد على ذلك) وبين "الإستقواء بالخارج" كما يتهمّنا أبواق النظام. فمن يستقوي بالخارج أو يعوّل على دعمه لن يرفض معوناته المالية كما رفضنا دوما، ولن يتخذّ مواقفا تغضبه ولاترضيه.

وأنا لا أرى عجزا ويأسا من المجتمع، اذ على العكس، ومن دون نفي للصعوبات والنقائص، أرى أنّ ترشّح الشابّي هو من دلائل الأمل وتحدّي السلبية والجمود. فهذا الترشّح سيسمح بمعركة، وان محدودة وغير متوازنة القوى، بين المعارضة التي تبحث عن توسيع قاعدتها الشعبية وبين سلطة متآكلة وفاقدة للشرعية والمصداقية، ويعود بقائها أساسا الى بطشها الأمني. فالديمقراطية لا تأتي بعصى سحريّة وانّما "يصنعها نضال الديمقراطيون" كما يقول المفكّر العربي الكبير د.عزمي بشارة.

Unknown يقول...

أوافق النسر الأسود على تعليقه وأود أن أضيف إليه ما يلي:
مقولة أبي معاذ تقوم على فرضيتين الاولى أن الأحزاب تجسد الديمقراطية ولا تصنعها والثانية أن إنشاء حزب قانوني يفترض التقيد بالقوانين القائمة.
وللرد أقول إذا كانت الأحزاب لا تصنع الديمقراطية فمن يا ترى يصنعها. الشعب؟ لكن كيف؟ عبر منظماته الأهلية وحسب؟ ولماذا يكون ذلك؟ لماذا لا يتصور أن تلعب الأحزاب السياسية على اختلاف مشاربها دورا في إنضاج ظروف الانتقال الديمقراطية وفرضه؟ أو يجب أن تحل النهضة والحزب الديمقراطي وغيره من الأحزاب نفسها حتى تمهد الطريق السريعة للديمقراطية؟ إنها كلها أسئلة إنكارية كما ترى وهي تستند على دور الأحزاب في إحداث التحول الديمقراطي في مختلف البلدان التي عرفت تقاليد حزبية كإسبانيا والشيلي أو اليونان أو المغرب وغيرها وتشذ عن القاعدة طبعا بلدان أوربا الشرقية التي لم تعرف تقاليد حزبية معارضة خلال الحرب الباردة والتي انفجرت أنظمتها إنطلاقا من ضضف المركز الروسي في السباق المحموم على التسلح الذي خاضه مع أمريكا.
أما أن تتقيد الأحزاب القانونية بالقوانين السارية فهذا ما لا شك فيه لكنه لا يعني أنها لا تسعى إلى تغيير تلك القوانين بالطرق القانونية وهو أمر معتاد في جميع الدولة التي يسودها القانون.
وأعتقد أن موقفك يستند على قراءة مغلوطة للقانون الحالي. فهذا القانون يسمح لكل تونسي بلغ سن الأربعين ويتمتع بحقوقه السياسية والمدنية أن يترشح ولكن لن يقبل ترشحه إلا إذا حصل على ثلاثين تزكية. فالترشح قانوني حتى ليلة الحملة الانتخابية وهو حق لكل تونسي يتوفر فيه هذان الشرطان. نحن نعلم أننا لن نحصل على هذه التزكية وأن الحكومة ستجبر على تغيير القانون وسر ترشحي هو استغلال هذا الحق القانوني على مدى عامين لحشد الدعم والضغط على الحكومة حتى تغيير قانون اللعبة في اتجاه العدل فإن فعلت فيا حببذا وإن لم تفعل فتكون قد كشفت نفسها أمام الملأ وإضعفت نفسها لأن الرماح تصلح لكل شيء سوى الجلوس عليها كما يقول المثل الفرنسي.
مع التحية والتقدير مرشح الح د ت أحمد نجيب الشابي

غير معرف يقول...

je ne suis pas tout à fait d'accord avec toi car les partis politiques doivent militer pour obtenir.aucune personne au pouvoir ne fera des sacrifices pour se faire destitué elle doit obligatoirement protéger ses acquis par conséquent la démarche de maitre chebbi est correcte le pouvoir a édicté cette règle pour interdire les personnes non grata de se présenter tel que chedli zouiten don si on baisse les bras et on renonce au nom du respect de la loi qui a été à des fins suspectes on n'avancera jamais.Article moyen

حمزة عمر يقول...

@النسر الأسود: نعم، يمكن احداث تغيير سياسي جوهري دون أحزاب و النماذج متوفّرة: ثورة 1952 في مصر، ثورة 1979 في ايران.. صحيح أنّ هذه الأمثلة لم تنتج أنظمة ديمقراطيّة بالمعنى "الغربي" للكلمة و لكنّها أحدثت تغييرا جوهريّا دون الاعتماد على الأحزاب الموجودة انذاك بل بالعكس، أصبحت الأحزاب فيها رمزا منبوذا من رموز "العهد البائد"، و حتّى مثال الثورة البلشفيّة الّذي ذكرته و الّذي قام به حزب فانّه لم يؤدّ إلى قيام "ديمقراطيّة" بل الى قيام احدى أهم دكتاتوريات الفترة المعاصرة .. هناك مثال آخر و هو انهاء الفترة الشيوعيّة في بولونيا و هو مثال أعتبره مهمّا لأنّ النقابات هي الّتي قامت باحداث التغيير في دولة "ليس لها تقاليد حزبيّة معارضة"(لا أعتقد أنّنا في تونس نملك هذه التقاليد، فمن حزب واحد الى حزب مهيمن يمنح المقاعد تعطّفا و منّة، لست أرى فرقا كبيرا). في تونس كذلك أرى أنّ أهمّ طرف يقوم باحداث نوع من التوازن مع السلطة و يمكنه القيام بدور كبير في احداث تغيير سياسي هو الاتحاد العام التونسي للشغل لأنّه يملك قاعدة جماهيريّة واسعة لها وعي كاف و قد سبق أن أدخل السلطة في مأزق دستوري لم تخرج منه الى الآن لمّا رفض المشاركة في مجلس المستشارين. و على العكس ، فالأحزاب ليس لها وزن جماهيري يذكر و كما ذكرت في تدوينة سابقة ما زالت أغلب فئات الشعب، حتّى بعض الفئات المتعلّمة، ترى مساندتها القاء بالنفس الى التهلكة و بلغة أبسط ترى فيه "غولا" و لا يمكن للـ"غول" أن يقنع الخائف منه بحسن نواياه. تحدّثت عن التراكمات و لكن لست أرى تقدّما فعليّا منذ أوّل انتخابات تعدّديّة (1981)الى اليوم، هذا ان لم نتحدّث عن تقهقر لدور الأحزاب.

@Nejib: فيما يخصّ الاشكال القانوني، أرى في الحلّ الّذي قدّمته نوعا من "السفسطة" القانونيّة اذ قمت بانتقاء للشروط الواردة في الفصل 40 دون معيار محدّد. الدستور يشترط سنّا معيّنة و التمتّع بالحقوق المدنية و السياسية و لكن الفقرة 3 من الفصل المذكور تشترط كذلك "تقديم المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس النواب ورؤساء المجالس البلدية, حسب الطريقة والشروط التي يحددها القانون الانتخابي" فالترشّح دون ذلك لا يستوفي الشروط القانونيّة، و لا معنى لهذا التمييز الاصطناعي بين امكانيّة الترشّح و قبول الترشّح و أرى فيه استلهاما غير موفّق للتقنية المعروفة في القانون الاداري بتوليد أو استثارة قرار اداري بالرفض.
و لو فرضنا جدلا أنّه في أحسن الحالات رضخت السلطة للضغوط و قبلت هذا الترشّح، الام سيؤول ذلك؟ سيحصل السيّد الشابي ، ان رفعنا سقف التوقّعات الى أقصى حدوده، على 5 أو 10 أو حتّى 15% من الأصوات و سيتّهم الدّولة بتزوير النتائج و يدخل، كالعادة، في اضراب جوع مفتوح، و قد يطلب تحقيقا دوليا:) ثمّ ماذا؟ هل سيثور الشعب و يخرج في مظاهرات مليونيّة الى الشوارع مساندة له؟ هل يتصوّر أنّ الشعب الآن مستعدّ أن يقاتل من أجل الديمقراطيّة أم يتصوّر أنّ له من الشعبيّة ما يمكّنه من اعادة الانتخابات؟ أعتقد أنّ هذا اسراف غير واقعي في التفاؤل و على أحسن تقدير حسن ظنّ مبالغ فيه في الشعب التونسي لأنّ الديمقراطيّة ثقافة لا تكتسب بمجرّد ترشّح شخص ما مهما كان وزنه و تاريخه بل يجب أن تسبق بتحضير فكري كبير لا أراه متوفّرا، و ربّما يلعب مربّ ينشئ تلاميذه على مبادئ الحريّة و الديمقراطية أثرا أعمق بكثير في المجتمع من مثل هذا الترشّح.
استفهمت، انكاريا، عن امكانيّة حلّ النهضة لنفسه و أذكّرك أنّ هذا التنظيم لا وجود قانوني له و بالتالي لا يمكن له أن يحلّ نفسه، أ ليس كذلك؟

الكاتب يقول...

@ أبو معاذ المطوي: فيما يخصّ الأحزاب، ضربت أمثلة تدلّ على انّ غياب الأحزاب في تجربتي مصر وايران - وان كانت هناك أحزاب مشاركة في الثورة الإيرانية انقلب عليها الخميني- لم تؤدّ الى الديمقراطية. وفي مصر رغم فساد الأحزاب الاّ انّها كانت ذات جماهيرية ولعبت دورا هاما، خاصّة حزب الوفد وحزب مصر الفتاة، في تسيييس النخب وحتّي عامّة الناس. وحتّى عبد الناصر نفسه اكتشف مدى خطآ حلّ الأحزاب في آخر عده وبادر الى تأسيس الإتّحاد الإشتراكي... والمثال السوفياتي لا يستقيم برأيي، لأنّ الحزب البلشفي لم يكن يناضل من أجل الديمقراطية، وبالتالي طبيعي ان يتنكّر لها عند وصوله الى السلطة. وأنا ذكرته في السياق التدليل على ضرورة وجود أحزاب وان في الثورة. نفس الأمر بالنسبة لإيران.

لكن هناك أمثلة أخرى عديدة تدلّ على مدى أهمّية دور الأحزاب في عملية الإنتقال الديمقراطي، مثل البرازيل والشيلي والبرتغال واسبانيا والسنغال وغيرها من دول العالم، وان تراوحت آداة الإنتقال فيها بين الإنقلاب العسكري وانفتاح المؤسّسة الملكية وغيره من العناصر التي تمهّد الطريق للحركات الديمقراطية وتنسّق معها لإنجاح عملية الإنتقال الديمقراطي.

والأكيد انّ مثال بولونيا هو مثال هام لكنّه ليس بالضرورة وصفة يمكن تكرارها في كلّ مكان وزمان. اذ لا يجب فصلها عن سياقها الإقليمي والعالمي المتعلّق بالحرب الباردة ودور الغرب، وتحديدا آروبا المنخرطة في موجة تحوّل ديمقراطي واسع، في احتضانها ومساعدتها على الإنتقال من النظام الشيوعي الى الديمقراطية الليبيرالية...

بإختصار، ليست هناك وصفة جاهزة للديمقراطية، لكن الأكيد من مختلف التجارب الديمقراطية المعاصرة انّ للأحزاب دور هامّ في التربية على الديمقراطية وفي تحشيد الطاقات وتعبئة النّاس من أجلها. وفي هذا السياق تأتي تجربة الحدت وبالتالي ترشّح الأستاذ الشابّي.

تحدّثت عن دور ممكن لإتّحاد الشغل وعن ادخاله السلطة في "أزمة" دستورية. هذا كان يمكن ان يكون صحيحا لو كانت على رأس الإتّحاد قيادة قويّة من نوع الحبيب عاشور او قيادة نظيفة وصادقة في سعيها الى الديمقراطية وهذا للأسف غير واقع الحال. وأمّا عن مثال انتخابات مجلس المستشارين، فإنّه يأتي في سياق محاولة جراد في أولّ عهده اكتساب مصداقية يفتقدها والظهور في دور المستقلّ عن السلطة بعد تصاعد الإحتجاج النقابي على موقفه الموالي للسلطة في استفتاء 2003.

فما يخصّ تجربة الأحزاب في تونس، أكيد انّها تراجعت عن 1981 لكن ليس بسبب عجزها الذاتي وانّما بسبب التغيّر الجذري لقواعد اللعبة بعد قرار السلطة الإجهاز على حركة النهضة في بداية التسعينات وتعطيل الحياة السياسة برمّتها. ومع ذلك قدرت بعض الأحزاب، وعلى رأسها الحدت على الصمود، بل والتوسّع في مختلف أنحاء البلاد وبداية الإنتشار المتزايد في أوساط اجتماعية مختلفة كالطلبة والنقابيين في السنوات الأخيرة. أكيد أنّ الحدت مازال بعيدا عن ان يصير حزبا ذي قاعدة شعبية عريضة، وذلك أمر جدّ طبيعي في ظلْ الظروف القاسية التي يعمل فيها، لكنّه بصدد قطع خطوات جدّية في هذا السبيل. وهو حاليا، مازال في مرحلة السعي الى استقطاب النخب المثقّفة والمتعلّمة، وهذه نخب لا تنخرط في العمل السياسي الاّ في تنظيمات تجمع بين الخطاب الإصلاحي المعتدل الواقعي وبين الجدّية والإصرار على التغيير، وهو ما يوفّره الحدت حاليا، وفي هذا السياق يأتي ترشّح الشابّي، اي لتجاوز حلقة النخب والتوجّه لعامّة التونسين وليبرهن لهم على جدّية طرحه وعلى توفّر بديل حقيقي يمكن الوثوق فيه والإنضمام اليه لمن يرغب في العمل على التغيير ولكنّه محبط ولا يدري من كيف ومن اين يبدأ.

وللتعليق على ردّك الثاني، ودون الدخول في تفاصيل قانونية تمّ الردّ عليها في الإجابات السابقة، أريد ان أستفهم عن التناقض الذي تراه بين ترشّح الشابّي وعملية التثقيف الديمقراطي؟ هذه الثقافة التي تتحدّث عنها لا تأتي فقط على مقاعد الدراسة، وهي موجودة فعلا نظريا، وهناك أساتذة كثيرون يفعلون ماتمنّيته، لكن المشكلة انّ هؤلاء التلاميذ يصطدمون بعد ذلك بواقع مخالف تماما لما تعلّموه في المدرسة. فعندها أيّهما أفضل برأيك، ان يجدوا من يحمل هذه القيم ويدافع ويضحّي من أجلها أم ان يسجّلوا انعدام ايّ شكل من أشكال المقاومة والإصرار على تلك المبادئ بما يؤدّي الى احباطهم وانضمامهم بدورهم الى أفواج المستقيلين؟

خاتمة الحديث، هي انّ الشابّي لم يترشّح توهما منه في امكانية تحيق الديمقراطية عن طريق صندوق الإقتراع في هذه المرحلة، ولكنّ خطوته تندرج في عملية مراكمة للنضال وتوسيع للمكاسب من أجل الوصول الى ذلك يوما ما. فالتونسيون بحاجة الى ان يروا تونسيين وتونسيات مثلهم ذوي كفاءة واقتدار وثقة بالنفس، يتبنّون هويّتهم الثقافية ويجرؤون على المطالبة بالديمقراطية. فصحيح انّ التونسيين ليسوا بعد مستعدّين للخروج بالملايين من أجل الديمقراطية، وهو مالم يكن ايضا حال الشعوب التي انتقلت الى الديمقراطية عند بداية بروز الحركات الديمقراطية، لكن الأكيد هو انّ الأغلبية الساحقة من التونسيين، كغيرهم من العرب، ترغب في الديمقراطية لأنّها ترى بكلّ وضوح نتائج الإستبداد ومسؤليته في تخلّف الأمّة وتفكّكها ولأنّها تعوّدت على الخطاب الدمقراطي منذ سنوات واقتنعت بضرورته بفضل الجزيرة وغيرها...

اذن هذ الترشّح يأتي اذن في سياق التدريب التدريجي على ثقافة الديمقراطية التي تحدّثت عنها، لأنّ هذه الثقافة تكتسب قبل كلّ شيء في المعارك ولا قيمة لها ان بقيت حبيسة الكتب.

منداف يقول...

الحاصيلو، سيسقط حزب الدستور يوما ما

غير معرف يقول...

انشاء الله رئيس في الدورة الاستثنائية 2011 . و دمت مخلصا لتونس يا سيدي "أحمد نجيب الشابي". عاشت تونش و عاش أمثالكم لغد أفضل و السلام