الأربعاء، 13 فبراير 2008

الحبّ في عيد الحبّ

يوم 14 فيفري هو ذكرى تولّي أوباسانجو الحكم في نيجيريا و ذكرى فتوى الخميني المهدرة لدم سلمان رشدي و ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري و ذكرى حصول المنتخب الوطني لكرة القدم على كأسه الافريقيّة اليتيمة و ووو... ولكن كلّ هذه الأحداث التاريخيّة البارزة تتضاءل شعلتها أمام الحدث الأبرز لأنّ 14 فيفري لا يمثّل عند الجميع الا شيئا واحدا..عيد الحبّ.
قبل أن أحرّر هذه التدوينة حرصت على سؤال عدد من المحيطين بي حول رأيهم في عيد الحبّ، هل هو شيء جيّد أم شيء سيّء و لماذا و كانت الأغلبية الساحقة رافضة للاحتفال بعيد الحب. الأسباب؟ "ما هوش متاعنا"، "رويّق متاع مراهقين"، "الحبّ يلزمو أكثر من نهار في العام" و حاول بعضهم اثنائي عن الكتابة في هذا الموضوع لأنّه "حكاية فارغة" الكتابة عنها ستنقص من شأن مدوّنتي وهذا ما راعني في الحقيقة و لأنّني في عناد البغل أصررت الحاحا على الكتابة في هذا الموضوع.
من الأكيد أنّ هذه المناسبة تستغلّ تجاريّا أبشع استغلال، فهي فرصة لعديد التجّار لبيع العديد من السلع الكاسدة كالورود و الدمى و الشكلاطة(لم أتمكّن الى حدّ الآن من فهم العلاقة بين الشكلاطة و الحبّ!)و فرصة للمذيعين لكي يملؤوا برامجهم بأغاني الحب كما أنّ العديد يستغلّها للتظاهر
بحبّ كاذب لا يدوم أكثر من 24 ساعة يترك بعدها حلو الكلام و أجمل الابتسام ليعود إلى التجهّم و السباب، كلّ هذه انحرافات موجودة لا محالة ولكن ذلك لا يمنع من القول فكرة الاحتفال بالحبّ في حدّ ذاتها شيء رائع،و ما هو الشيء الأجدر بالاحتفال من الحبّ؟ طبعا لكلّ قصّة حبّ تاريخها المميّز المليء يالذكريات الّتي تستحقّ احتفالا خاصا من قبل أشخاصها و لكن تخصيص يوم للاحتفال بالحبّ و الحبّ فقط، الحبّ كقيمة، الحبّ كشيء مشترك بين الجميع لا يجب النظر اليه باستخفاف. أفضل اجابة تلقّيتها من الّذين سألتهم عن عيد الحبّ هي اجابة الصديق بيل سون الّذي قال : "الحبّ هو الحرّية..هو الحرّية الوحيدة المطلقة".
نعم، الحبّ هو تحرّر من كلّ القيود فعندما نحب تنتفي جميع الضوابط الّتي تكبّلنا في قوالب معيّنة من الواجبات و المحظورات. ضوابط البيئة و المجتمع و العادات و التقاليد و الأعراف و... الّتي تتبعنا منذ ميلادنا الى مماتنا تنتفي كلّها في اللحظة الّتي يدخل فيها الحبّ باب قلوبنا. نتخلّى حينها عن كلّ شيء دون أن نطلب شيئا لأنّ "المحبّة لا تعطي الا نفسها و لا تأخذ الا من نفسها، المحبّة لا تملك شيئا و لا تريد أن يملكها أحد لأنّ المحبّة مكتفية بالمحبة".. هو القمّة في كرم النفوس لأنّه ليس هناك جود يفوق أن تبذل روحك لشخص آخر دون أن تنتظر المقابل.. هو الروح الجديدة الّتي تنفخ في فؤادك فتجعلك ترى الأشياء بمنظار مختلف،
بمنظار الابداع.. هو القوّة الّتي تملأ جنبات روحك و لا تفارقك أبدا لأنّ "الحب هو الحرف ليس بممّح اذا خطّ في لوح القضاء المغيّب"..الحبّ هو تحقيق لنوع من "الانسان الأعلى" و تجسيم للكمال الّذي تنشده الانسانيّة.. هو السبيل لتكون، كما قال جبران، في قلب الله.
أ فلا يستحقّ هذا الحبّ عيدا سنويّا يحتفل به الانسان في كلّ عام بتحرّره الأكبر؟ أمّا من يرى فيه بدعة غربيّة و تقليدا للنصارى و يتغاضى على أنّه لا دين و لا جنسيّة للحبّ فما عليه الا أن يبحث في طيّات تاريخنا عن يوم جنون مجنون ليلى مثلا، أو عن تاريخ زواج قيس بلبنى أو تاريخ لقاء يزيد بن عبد الملك بحبّابة أو تاريخ وفاة عروة بن حزام و يجعل منه عيدا لأنّ العبرة ليست بالتأكيد أن يكون عيد القدّيس فالنتين أو القدّيس أوغسطين أو سيدي فلان بل المهمّ هو تخصيص يوم للحبّ.
انّنا في مجتمعنا نعيش في فقر مدقع، فقر في الحبّ. فنحن نخاف من الوقوع فيه و اذا حصل المحذور منه و وقعنا فانّا نسعى للجمه و نحرص على أن نتحكّم فيه في حين أنّه هو من يجب أن يتحكّم فينا، و نحذر من أن نبوح بحبّنا لأنّه عيب و لأنّه ضعف و نرضى من أن نعيش حياتنا من دونه فتكون حياة في جفاف الصحارى لأنّنا لا نفعل شيئا بحبّ، بل كلّ ما نفعله نكون مجبرين على فعله فنقوم به و كأنّنا نتجرّع العلقم "دون أن نضع في كلّ عمل من أعمالنا نسمة من أرواحنا" . لذلك نحن أجدر المجتمعات بأن نخصّص يوما نحتفل به بالحب حتّى لا ننساه تماما و يضيع منّا في زحمة هذه الحياة الصاخبة السريعة و نتذكّر الشيء الّذي نستكمل به انسانيّتنا حتّى ان كان ذلك مرّة في العام عسانا اذا فكّرنا في الحبّ يوم عيده نعقد العزم أن نتشبّث به و نحارب دفاعا عنه مدى الأيّام و عسانا اذا شاهدنا "العشّاق اثنين اثنين، ما حدا عارف لوين"(كما غنّت فيروز) نفجّر تلك الصخور القاسية الجاثمة فوق قلوبنا فتلين ونفتح الطريق لدخول ذلك الشعور المقدّس إليها.
لكلّ المحبّين في العالم أتمنّى دوام محبّتهم و إلى الّذين لم يحبّوا أرجو من الله أن ينعم عليهم بالنهل من ذلك النبع العذب الّذي سيرويهم إلى الأبد.
و كلّ عام، بل كلّ يوم و أنتم بحبّ.

هناك 4 تعليقات:

Moez Amor يقول...

personellement je suis contre cette fête non pour son caractère occidentale ou même chrétien mais pour son utilisation commerciale partout dans le monde
deux amoureux n'ont pas besoin du saint valentin pour célebrer leur amour mais le saint valentin a besoin d'eux pour créer une population importante de clientèle de tout genre
imaginer le chifre d'affaire que peut faire un fleuriste par exemple ce jour là ! certainement supérieur a celui de la fête des mères ! une fête occidentale mais plus noble
ceux qui vivent une histoire d'amour peuvent fêter l'anniversaire de leur rencontre, l'anniversaire de leurs déclarations... bref, pas forcément le 14 Fevrier

غير معرف يقول...

انت باين عليك مكولي على وحدة وحبها خلاك متعرفش واش تكتب

غير معرف يقول...

ياكاتـــــــــــــب انت المجنون وليس قيس المجنون ان شاء الله ماتحكملكش على طـــــــــــــــــول

المكتبة العمومية محمد العروسي المطوي يقول...

لنعترف ..أننا شعب يكابر ولا يملك شجاعة التصريح بالمشاعر وينظر للحب " كقلّة حياء " وهو بالمناسبة موروث اجتماعي توارثناه ولم نستطع التخلّص منه..كلما ازدرى أحدنا الحب كلما ازدادت " رجولته " في المخيال الشعبي..قد يكون سبب بذاءة الشراع التونسي هو وأد المشاعر النبيلة فينا وانعكاس لدرجة التوحش فينا