الجمعة، 22 أغسطس 2014

أرجلنا الراقصة

كتب يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد بالجزيرة، وكان قد بَلغه عنه أنّه يتلكّأ في بَيعته: "أما بعد. فإني أراك تُقدّم رجلاً وتُؤخِّر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئتَ، والسلام". 

من الطبيعي أن تعرف حياتنا بضع مفترقات طرق. نقف عندها لمدّة قد تطول فنفكّر في جميع الخيارات التي أمامنا، ونمعن النظر فيها، نحاول أن نحسبها جيّدا، ثمّ نحسم فنسلك سبيلا لا رجوع منها.
لكن من غير الطبيعي أن تكثر فترات الوقوف فتتجاوز زمن الحركة، فنقضي وقتنا نعتمد على رجل تارة  ثمّ على أخرى طورا، فتمرّ أعمارنا ونحن بين تقديم وتأخر فنجد، قرب النهاية، أنّ الحياة مضت بنا ونحن في رقص ليس منه جدوى.
أن يشكل الأمر علينا مرّة كلّ عدّة سنوات فنتردّد ونحتار قبل أن نهدى الطريق شيء عادي، بل لعلّها علامة صحيّة، فالحياة الواضحة التي تسير دون تعرّجات هي إمّا حياة واهمة أو حياة لاواعية. كلّ إنسانيّتنا تقوم على فكرة الاختيار، لذلك لا بدّ أن نمارسها فيما يتعلّق بجوهريّات حياتنا بين الفينة والأخرى. أمّا أن تصبح الأسئلة الكبرى اللون الطاغي على عيشنا، فذلك يعني أنّنا لسنا نحيا...
قد تكون الحياة معقّدة. لكن من المفروض أن يكون لنا ما يكفي من اليقين الذّي نكوّنه بتراكم تجاربنا متى جزنا مرحلة المراهقة حتّى نتمكّن من الحسم في جلّ أمورنا دون حيرة. لا تكون لنا حياة حقّا أن لا يكون لنا هذا الحدّ الأدنى من اليقين.
الحيرة المزمنة سامة، تنزع المذاق من أيّامنا. ونحن نعرف أنّها لن تؤدّي بنا إلى أيّ مكان مادام ليس لنا ضوء نستنير به، وهو ما قد يجعلها قاتلة. الرقص المتواصل مرهق، معذّب، أسهل منه أن لا نفكّر...أن نتّخذ قراراتنا بعشوائية...برمي قطعة نقود إن لزم الأمر. أن نعتمد على الرجل الخطأ أكثر راحة بكثير من رقصة أبدية.

ليست هناك تعليقات: