الخميس، 14 أغسطس 2014

عندما تموت الضحكة اكتئابا

كان "جومانجي" أوّل فيلم أشاهده في قاعة سينما. كنت في الحادية عشرة من العمر. كنت على ما يكفي من الطفولة لأستمتع وأضحك ملء في. في نفس الفترة تقريبا، شاهدت على شاشة التلفاز "السيّدة دوبتفاير"، وتحوّل بسرعة إلى أحد كلاسيكيات الضحك لديّ. كلا الفيلمين ربطا إسم روبن ويليامز بالضحك من الأعماق. وتتابعت الأفلام التي شاهدتها بعد ذلك لتؤكّد ذلك الربط: "صباح الخير فيتنام"، "مجتمع الشعراء الأموات"، "الملك الصيّاد"، "فلابر"، "صاحب المائتي عام"، "غود ويل هانتينغ"، "رجل العام"... كنت أترقّب الضحك في كلّ فيلم يظهر فيه، مهما كان نوعه، حتّى أنّني لدى مشاهدتي فيلم "أرق"، وهو أبعد ما يكون عن الضحك، ظللت أترقّب انقلابا كوميديّا مفاجئا، فقط لأنّ روبن ويليامز ظهر فيه. لم يحصل ذلك الانقلاب الكوميدي، وفهمت وقتها أنّ إسمه يمكن أن يرتبط بغير الضحك...بالموت الذي يتيه معه كلّ معنى...بالعبثيّة.
ولعلّه لم يفعل بانتحاره سوى أن أكّد أنّه مهما قهقهنا، فلن تظلّ الحياة غير تراجيديا نخدّر أنفسنا خلالها بالضحكات بين الفينة والأخرى..الرجل الذّي أضحكنا حد الاستلقاء طوال السنوات الأخيرة كان سكّيرا مدمنا بلغ به الاكتئاب حدّ الانتحار...صانع الضحكات الذّي خفّف عنّا أعباء الحياة انتهى به الأمر أن لم يعد يجد لحياته معنى. 
خان مماته جميع ما أهداه إلينا في سنين حياته. كيف لنا أن نسترق الضحكات إذا كان المُضحك الأوّل قد خاتلنا، قد باعنا الضحكات الصافية من قلب مريض مهموم بالحياة؟ كيف لنا أن نصدّق أنفسنا إذا ضحكنا؟
ربّما علينا أن نتناسى النهاية ولا نذكر سوى الطريق...

ليست هناك تعليقات: