الاثنين، 29 مارس 2021

الطريق نحو النهاية



مُرّي على بابي بذكرى مَوْلِدي

كي تُنشدي أخبار من لم يَخلُدِ

لم يبقَ منه سوى الذي تحكي شفا

هُكِ عَنه سرْدًا دون أيّ تردّدِ

ما كُنتُهُ يوما، لعلّك كُنْتِ قد

أطلَلتِ خلفَ سَحَابِيَ المُتَلبِّدِ

فرأيْتِ شيئا، ثمّ حِكْتِ غِلالة

مِنْ حوله من وَشْيِكِ المُتَفرِّد

تلك الأساطير الّتي تُضحي منا

زلنا السعيدةَ بعدَ طُول تشرُّد

قُصِّي إذا ما غِبْتُ كلّ رواية

ما قد شَهِدْتِ وكُلَّ ما لم تَشْهَدي

كمْ كان يَحْلو وَقْعُها لو أنّني

قبلَ الغيابِ حظيتُ منكِ بموعد

لا فَرْقَ عندي بين صَمْتِكِ بعدها

أو أن أصير لديكِ ثالثَ فَرْقَدِ

ما كُنتُ- لمّا كُنْتُ- غيْرَ ترحُّلٍ

مِن غُربَةٍ لِمَثيلها المُتجدِّد

عَبثًا ألاحِقُ في السَّدِيمِ منارةً

ما الفرقُ حين العتمِ إن لم أرْشُدِ؟

قد كُنْتُ أرقُب مبدأً لنُبوِّتي

كم كنتُ أرْسُفُ في جنونِ تَفَرُّدي

وكأنَّ كُلَّ الكون حولي دائرٌ

أنا قُطبُهُ، لا شأنَ إلّا سُؤدَدي

لم أخْشَ إلاّ نظرَةً نحْوَ المرا

يا لحْظةً فيها يكون تجمُّدي

لمّا أراني، ويحَ نفسي، بغتَةً

مُتَصاغرا أحكي انحناء السُجَّدِ

أغْدو على الأفكار أغْرِفُ حَفْنةً

لا أعرف الأضدادَ في ملء اليد

كُلُّ اليَقينِ على الرّصيف مُبَعْثَرٌ

وسط الطريق أظلُّ مَحْضَ ترَّدُد

ما نِمتُ يوْمًا والعُيونُ قريرةٌ

ما تمّ لي دفءٌ على مُتَوَسَّد

في كُلّ زاويةٍ أرى لحقيقتي

شبحا يؤول إلى مَصيرِ تَبَدُّد

جمَّعتُ شِعْرًا فيه بعضُ تَنَهُدي

أضرَمْتُ فيه النار دون تَعَمُّد

نَفْثٌ لمصدورٍ تطاول داؤه

مِن فيه يخرُجُ كالحميم الأسود

أضْغاثُ أحلامٍ جَهِلْتُ نقيعها

حتّى سرَتْ في عُمْرِيَ المُتمدّد

كانت وكان مثيلها كُثُرًا إذا

ما احتاجت الأنفاسُ بعضَ تَزَوُّد

هي والنّقاء وكلّ ما يرضي العبا

د وما وراءَ شُجونِ كُلِّ مُسهَّد

الكُلُّ أصنامٌ سَعيْتُ لرِفْدِها

وجميعها بَرْقُ الزّمان السرمدي

ما بينها أفنيْتُ روحي ذاكرا

أرجو الغنيمة من طويلِ تزهُّدي

لم أحيَ يوْمًا مثلما تبغي الحيا

ة ولا وجدتُ العيشَ في مثوى غَدي

الموت أمنيةٌ يعزُّ منالها

إذ لم تكن دُنياي غير تَجَلُّد

في النّاس كُنْتُ وحدي أمّةً أو هكذا

كان الهوى في قَوْلَةٍ مِن عُوَّدي

ما زلتُ في نفسي أحاور وحدتي

حتّى هدمتُ بفأسِ شكّي معبدي

فرأيتُ شيئا في السّماء جهِلتُهُ

لوناً نبا عن كلّ قوْلٍ مُسْنَدِ

ما صار يعرِفُه سواي من الورى

هو ظِلُّ ما أنا كُنْتُ فيه بأوحَدِ

قد خُلِّطَتْ خُطُواتُ عُمْري كلها

حتّى تبدّت لي بِلَوْنٍ مُفْرَد

فيه الضّلال تفنّنٌ في مزجه

أمَّا الهدى مُتكحِّلٌ بتَمَرّد

وإذا الحياة قصيدة لا تنتهي

نَغَمٌ يحلّ على لسان المُنشِدِ

 


ليست هناك تعليقات: