الخميس، 24 يناير 2008

اتركوا لنا فيروز


مصطلح جديد يجب أن يضاف إلى معجم السياسة و العلاقات الدولية و هو مصطلح"قطع العلاقات الفنيّة" و هو يعني حظر انتقال الفنّانين من بلد الى آخر و اتهامهم بالخيانة و العمالة اذا أبوا ذلك. هذا ما يمكن فهمه من مواقف بعض رجال السياسة اللبنانيين من تحوّل فيروز المرتقب الى دمشق قصد المشاركة في الاحتفالات المنظمة بمناسبة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية.

لست قادرا على أن أجزم من من أطراف النزاع في لبنان على حقّ و من على باطل و لكنّني قادر أن أقول أنّ مثل هذه المواقف جريمة في حقّ الفنّ ترتكب باسم السياسة و جريمة ضدّ لبنان نفسه و من المستهدف بهذا الهجوم؟ انّها فيروز و ما أدراك من هي فيروز. فيروز الّتي غنّت للبنان كما لم يغنّ أحد..فيروز الّتي عندما كان لبنان ينتحر و يدمّر بيد أبنائه صرخت "قصتنا من أول الزمان بيتجرح لبنان بيتهدم لبنان، بيقولوا مات و ما بيموت و بيرجع من حجارو يعلي بيوت "، فيروز الّتي دمعت عيناها و هي تغنّي "بتتلج الدني بتشمس الدني و يا لبنان بحبك تا تخلص الدّني"، فيروز الّتي غنّت "بحبك يا لبنان" الّتي ربمّا تكون أبسط و أجمل و أصدق أغنية وطنية غنّيت على الاطلاق، فيروز الّتي أدخلت محبّة لبنان إلى كلّ القلوب حتّى كادت تتماهى مع لبنان..أصبحت متّهمة بأنّها " تتبرّع لاجهزة الاستخبارات السورية "!!
أ ليس استنكار ذهاب فيروز الى دمشق دعوة ضمنيّة لها لاتّخاذ موقف من النزاع السياسي في لبنان بمعنى أنّه بمنطق هذا التصريح سيكون ذهاب فيروز أو عدم ذهابها انحيازا لأحد الطرفين؟ من الجميل أنّها ذاهبة الى هناك لتعرض مسرحيّتها صح النوم (و نرجو أن يفيقوا فعلا ) الّتي سبق أن عرضتها في دمشق منذ 37 سنة و تؤكّد بذلك أنّ العلاقات بين سوريا و لبنان أمتن و أقوى من أن تقطعها ظروف طارئة و كما قال منصور الرحباني "الفن الرحباني - الفيروزي عطاء وجمال، وهو رسالة محبة وسلام من لبنان إلى سورية، رسالة صداقة لا عمالة". و هكذا ينبغي أن يكون الفنّ، متعاليا عن أدران السياسة ناشدا ما هو مثالي و خالد لا ما هو ظرفي و زائل.
انّ الّذين يوجّهون مثل هذه الاتهامات مدركون لرمزيّة فيروز(صوتها الشيء الوحيد ربّما الّذي يوحّد جميع اللبنانيين) و يعرفون أنّ أيّ كلمة تشدو بها في احدى أغانيها هي أعمق تأثيرا من ألف خطبة يلقونها.انّهم ليسوا يعترضون على انتقال أحد من أدعياء الفنّ ممّن لا تجد أصواتهم صدى يذكر في أرواح مستمعيهم. انّهم يدركون أنّ ذلك الصوت الملائكي الّذي أصبح رمزا للبنان هو وطن قائم بذاته يحتضن الملايين من القلوب داخل لبنان و خارجه، هذه الملايين الّتي لا يرون فيها إلا أداة لتحقيق مخطّطاتهم لذلك فانّهم بذلوا هذا الجهد لاستغلال ذلك الصوت و تدنيسه باقحامه في لعبة السياسة و يا لها من جريمة.
اتركوا لنا ذلك الحلم الجميل لنعيش فيه..اتركونا نهيم في دنيا الجمال..اتركونا نستنشق هواء الابداع..اتركوا الملائكة تخاطبنا و تناجينا..اتركونا نرتفع الى السماء..اتركوا لنا فيروز..اتركوا لنا هذه القدّيسة.

هناك 4 تعليقات:

brastos يقول...

فيه شــي ... عـم بيصـــيـر

Legend Of The Fall يقول...

أرجو أن تسمح لي بأن أوضّح شيئا. لم يتم منع فيروز من التوجه إلى سوريا كما لم يتم التعرض لها. كل ما في الأمر أن عددا من نواب الأكثرية في لبنان، وجهوا عريضة للسيدة فيروز طالبوها فيها بعدم التوجه لسوريا و السبب حسب زعمهم هو أن سوريا بلد غير ديمقراطي، لا يتمتع فيه الشعب بالحرية، بلد عدد المعتقلين السياسيين فيه ربما بالآلاف، إضافة إلى كل التاريخ الأسود للوجود السوري بلبنان، و بالتالي هم رؤوا أنه من غير المعقول أن تغني فيروز للحرية و النهوض و الاستفاقة و الحب، لنظام يغتال و يسجن و يخنق الكلمات الحرة. و في الختام نأمل أن تغني السيدة فيروز بدمشق على أمل أن يعطي صوتها للسجناء بالمعتقلات الأمل المنشود و أن تصل كلامتها و معانيها إلى ضمائر الساسة السوريين

mehdi يقول...

quelle argument "parceque la syrie n est pas un pays democratique"
pfffffffffffffff
fa9idou achay2i la yo3tih
;)
mais ils sont grave ces libanais est ce qu il vont chercher leur discourts chaque jour chez les buhs or wah
?

3amrouch يقول...

رب عذرا اقبح من ذنب
مشكور على الخبر
نصك يطرح بالفعل سؤال مهم
عن جدلية العلاقة بين الوطنية والفن
على كل نعتقد انو فيروزتجاوزت المعطى الضيق متاعهم فتاريخها يشهد لها
كيف تقول فيروز تستحضر لبنان وكي تقول لبنان تستحضر فيروز.