الأحد، 13 يناير 2008

خطبة رسمية للغاية

تعجبني خطب الجمعة الّتي تعرف محتواها بمجرّد النظر إلى الرزنامة، فأيّا كانت المناسبة التي توافق ذلك اليوم(كاليوم الوطني للطفولة كما هو الحال في يوم الجمعة الفارط) أو ذلك الأسبوع حتّى ان تعلّق الأمر بالأسبوع المغاربي للسلامة المرورية، يمكنك أن تتنبأ بموضوع الخطبة دون أن تحتاج إلى ذكاء خارق.. و يكون هذا النوع من الخطب ممتعا للغاية اذ يكون الخطيب مسلّحا بأحدث الأرقام الّتي وصلت توّا من عند المعهد الوطني للاحصاء ممّا يجعل الخطبة شبيهة بدرس في الجغرافيا و لكنّ أكثر مايسلّيني فعلا هو النظر إلى وجوه المصلّين الّذين أمّوا بيت الله حتّى يؤدّوا فرضا و يتثقفوا في شؤون دينهم فأراهم بين ناظر إلى ساعته ينتظر مرور الوقت و بين من يبذل جهدا هرقليّا لمغالبة نعاسه و بين من ينظر إلى السقف يمتّع النظر بمشاهدة ما نقش عليه و بين من هو يتسلّى بـ"تقييد أحوال" باقي المصلّين

أظنّ أنّه من العبث بعد هذا التساؤل عن الأسباب الّتي تدفع المواطنين لمشاهدة القنوات الدينيّة أو دعوتهم إلى "التحلّي بالوعي و الاعراض عن تلقّي أفكار الاتجاهات الظلامية" لأنّ البديل " الرسمي" غير قادر على منافسة جاذبيّة هذا الخطاب: شيوخ سيماهم على وجوههم من أثر السجود لحاهم تكاد تبلغ الأرض و على محيّاهم آثار الورع و التقوى يحدّثون المشاهدين بأسلوب درامي مشوّق عن السلف الصالح العظيم الّذي بنى دولة حكمت العالم و يدعونه إلى التأسي به و الاعراض عن كل فسق و فجور، كيف يمكن أن نقارنه بمن ليس له من مظاهر المشيخة إلا الجبّة والّذي يبقى لأكثر من ساعة أحيانا و هو يثمّن المكاسب التي حقّقتها الدولة في مجال رعاية الطفولة و و.. و الّذي هو أقرب إلى موظف عمومي يبحث عن "الخبزة" منه إلى واعظ يبحث عن الارشاد.. هذا الخطاب جعل أداء الجمعة بالنسبة إلى كثيرين مجرّد واجب شكلي ثقيل يؤدّى دون اقتناع حقيقيّ حتّى أنّه روي لي أنّ أحدهم و للفرار من سماع مثل هذه الخطب أصبح يجلس في دكّان صديقه الحلاق حتّى يسمع اقامة الصلاة فيسرع إلى الجامع! صحيح أنّ اذاعة الزيتونة غطت شيئا ما هذا الفراغ و ساهمت في نشر نوع من" الاسلام التونسي" و لكن لا يجب في نظري نسيان شيئين: الأوّل أنّها اذاعة أي أنّ الجانب البصري(المغري) في التعامل مع المتلقّي مفقود و الثاني أنّها اذاعة خاصة أي أنّها مملوكة لأحدهم و تعبّر عن وجهة نظره. فالمجهود المبذول في اطارها يبقى محتاجا لتدعيم على مستوى آخر، على مستوى الخطاب الرسمي المكرّس في خطب الجمعة، هذا اذا سلّمنا بامكان وجود خطاب ديني رسمي

هناك تعليقان (2):

Tarek طارق يقول...

أبو معاذ كلام في بلاصتو... كنت تحدثت تقريبا على نفس الأفكار في تدوينات مكتوبة و صوتية

غير معرف يقول...

ROD BALEK ALA ROUHEK YA METOUI KLAM MOKHTER YHEZ LI BOUFARDA