الأحد، 8 أغسطس 2021

عام ‏تحت ‏الشمس

في اللحظة التي جاء فيها زيد إلى هذا العالم، كنت أستمع إلى أغنية "ها هي الشمس تأتي"، وأخال أنّ هناك شمسا أشرقت فعلا في حياتي.
منذ الأسابيع الأولى، صرت وزيدا وأمّه نقضّي عدّة ليال معا. كنت متعوّدا على السهر لساعات متأخرة، ولكن أصبح للسهر مذاق آخر. لم تعد هواجسي أو رغبتي في إضاعة الوقت ما تبقيني مستيقظا، بل منادمتي للحياة وهي تخطو خطواتها الأولى وتكبر ليلة بعد ليلة.
منذ أوّل أيّامه، كان زيد طفلا بسّاما. صحيح أنّ الطب يقول أنّه لا يبتسم تفاعلا قبل أربعين يوما، وصحيح أن الثقافة الشعبية تقول أنه في ذلك العمر  تضحكه الملائكة، لكن شيئا في قلبي كان يخبرني إنه إنما كان يبتسم لي ولأمه لأنه يعرفنا من قبل.
لعلّ ذلك كان من أوّل ما شكّل علامات طفل استثنائي. من الجائز للغاية أن يكون يهيّأ إليّ ما يهيّأ لكل أب من طفله، لكنّ زيدا ما انفكّ يؤكّد ذلك. كنت في مرحلتي البيتلزية وقتها، وكنت أسمعه معي ما تيسّر من أغاني البيتلز. في شهره الرابع، بدأت ألاحظ أنه يتفاعل مع بعض الأغنيات بشكل خاص. وبمرور الوقت، بدأت أكتشف أنّ الرجل فعلا صار له ذوق، فيفضّل أغنيات على أخرى. أرى كذلك دهشته المبهرة وهو يقف فاغر الفم أمام لوحة ما. هل ترى فنّانا يكبر فيه؟
على غرار ما قال أنسي الحاج: في حياتنا لا مكان لزيدون... كلّ المكان هو لزيدون وحده. افتكّ هذا الصبيّ الوسيم مكانه في حياتنا بسرعة كبيرة. كلّ الكلام عنه. كلّ الانفعالات حوله. كلّ الدار له. لا شيء أحبّ إلى قلبي من أن أراه ومعالم شخصيته تترسخ شيئا ما كلّما سار على درب الحياة يوما.
لطالما كان لي توجّس من الأبوة لعظم مسؤولياتها، ولكنني مع زيد أراني أنغمس فيها ضاربا عرض الحائط بكلّ الريبيات. زيدون هو الصخرة التي يتكسّر عليه كلّ ذلك التمركز الرهيب على الذات، وأراني لمّا صرت أبا، أني في طريقي لأصير إنسانا أفضل...

ليست هناك تعليقات: