الاثنين، 16 فبراير 2015

كلمات غاضبة في وجه دب أبيض

يجثم في ركنه الركين منذ ساعات ويرمقني بنظرته الجامدة. أمعن النظر فيه حتى يدب الثلج المتسرب منه في مسام جلدي فتسري فيّ قشعريرة فأحوّل البصر. نظرته تحنقني. بياضه الناصع يحبطني. الطريقة التي يجثم بها تستفزني. إخفاؤه لأنيابه وراء ما يشبه الابتسامة يمزقني. مجرد وجوده الآن وهنا ومشاركته إيّاي في الهواء الذي أتنفّسه يجعلني أشعر بالاختناق. نظرته تزداد حدّة شيئا فشيئا. أتجنّبها وأختلس من خلفها إلى موضع القلب منه. لو كان بين يديّ أيّ شيء حاد، لما تردّدت وانهلت عليه طعنا وتقطيعا، لكن ليس في يدي الآن سوى قلم جفّ حبره. كأنّه تحرّك قليلا. أتراه يتحفّز لمهاجمتي؟ أيبطن الغدر وراء تلك النظرة الوادعة؟ لم أر منه سوى السكون منذ حلّ هنا منذ سنوات. لم عساه قد يبدي الشراسة؟ تغور عيناه فجأة وتمتلئان أسى. ذاك أشقّ عليّ. يا لها من نظرة معذّبة تكاد تخترق صدري. أتراه يخشاني؟ أ أيقن بالنهاية أخيرا؟ ماذا ينتظر منّي؟ نظرته تزداد نفاذا إلى الأعماق. تكاد تصل إلى القاع فترتطم به وتفضح خواءه. لو فعلت، لافترست ما بقي حيّا هناك، ولما تردّد في الأرجاء سوى صهيل ضائع. لا بدّ أن أتصرّف. يجب أن أفعل شيئا إن أردت يوما آخر. عليّ أن أغالب ذلك المعشّش فيّ.
وثبت من مكاني. بحركة سريعة، أمسكت ذلك الدب القطني الحامل بين يديه قلبا ضخما، وألقيته من النافذة...

ليست هناك تعليقات: