من الأشياء التي تستفزني كلما أردت مناقشة موضوع ديني مع بعض الأصدقاء أن يقول لي مزهوّا و هو يتصوّر أتّه أتى بالحجة الدامغة غير القابلة للدحض " الشيخ فلان قال" أو "الشيخ علان أفتى" و نظرا أنّي لا أخفي جهلي الكبير في مادة الشيوخ و أسأل عمّن يكون هذا الشيخ فأنّي أسمع ضحكة سخرية مردفة بـ"ألا تعرفه؟ أنه صاحب ذلك البرنامج في القناة الفلانية" و يصبح سؤالي عن حجة الشيخ ضربا من الاغراق في الجهل لأنّه يبدو أنّ كلمة الشيخ حجة في حدّ ذاتها لا تحتاج إلى اثبات
انّ غياب كنيسة في الاسلام هو ميزة، اذ أنّه يفترض أنّه لا يمكن لشخص أن ينصّب نفسه ناطقا باسم الدين فيحلّل و يحرّم و يدخل من يشاء الجنّة و من يشاء النار و يجعل من أقوال الفقهاء مجرّد اجتهادات غير معصومة يأخذ بها من يشاء و يدعها من يشاء وفقا لدرجة اقتناعه و لكن أرى أنّ غياب الكنيسة أصبح معضلة كبرى لأنه في غياب سلطة منظمة للمسائل الدينية أصبح باب الافتاء مفتوحا لكل من هبّ و دبّ فيمكن لكلّ ملتح أن يظهر في قناة و ينصّب نفسه أحيانا حارسا على باب الجنّة كأنه لا يمكن دخولها إلّا باذن منه و يتحدّث و كأنّه يملك الحقيقة المطلقة(هذا التعبير، للأمانة العلمية، استعرته من أحد الأصدقاء)! أصبحنا نسمع عن فتاوى تثير الضحك ( كارضاع الكبير) و الغريب أنّها تصدر أحيانا عن شيوخ متخرّجين عن مؤسسة دينيّة كبيرة هي الأزهر أصبح مجرّد الانتماء إليها يخوّل الكلام باسم الدين..أصبح الأزهر يلعب دورا مشابها لدور الكنيسة حتّى أصبحت الدول الأجنبية تعتبره كذلك(فرنسا مثلا أخذت رأي شيخ الأزهر قبل اصدار قانون تحريم ارتداء الرموز الدينية في المدارس)
و تجد فتاوى شيوخ القنوات للأسف رواجا عند الكثير من الأشخاص و ذلك يبدو حتّى من خلال عدد المكالمات الطالبة للفتاوى التي تصل لمختلف القنوات و تعدّد مصادرها و سؤالها حتّى عن أبسط المسائل، فمثلا ورد سؤال على احدى القنوات هل تجوز مشاهدة الأفلا الراوية لقصّة الاسلام اذا حوت مشاهد لنساء غير محجبات!!!!! و كان جواب الفقيه الكبير المتصدّي للافتاء هو بالنفي القاطع..اي نعم، لا تجوز مشاهدة "هجرة الرسول" و لا "الشيماء اخت الرسول" و لا حتّى شريط الرسالة لأنّه يحوي، و العياذ بالله، مشاهد لنساء غير محجّبات بل أنّي سمعت أنّ عرض شريط الرسالة، ذلك الشريط العظيم الذي ساهم بصورة فاعلة في التعريف بالاسلام قد منعه الأزهر. السبب؟ أنه يصوّر حمزة عمّ الرسول(صلّى الله عليه و سلّم)!
و تتمادى هذه الفتاوى في انتشاره حتّى في تونس و تكاد تمسّ أحيانا من المكاسب التي تحققت منذ فترة طويلة حتى ساد الظن أنها تغلغلت في المجتمع التونسي.. فبعض الصحف التونسية تخصص بابا للفتاوى نرى فيه أحيانا أسئلة من نوع " هل إذا قلت كذا لزوجتي تكون طالقا؟" و كأن الطلاق لم يصر قضائيا منذ أكثر من خمسين عاما في تونس و الغريب أنّ الشيخ يجيب و ينشر جوابه دون أيّة رقابة(هذا لا يعني طبعا أنّنا نملك رقابة في تونس!). بل أنّي أصبحت كذلك أسمع بعض الزملاء يتساءلون عن تعدّد الزوجات و عن كيفيّة عقد زواج عرفي مما يجعلني أتساءل عما ذا كانت مجلّة الأحوال الشخصية قد أصبحت فعلا من المكاسب غير القابلة للنقاش؟ أما آن الانتقال إلى مستوى آخر؟
انّ غياب كنيسة في الاسلام هو ميزة، اذ أنّه يفترض أنّه لا يمكن لشخص أن ينصّب نفسه ناطقا باسم الدين فيحلّل و يحرّم و يدخل من يشاء الجنّة و من يشاء النار و يجعل من أقوال الفقهاء مجرّد اجتهادات غير معصومة يأخذ بها من يشاء و يدعها من يشاء وفقا لدرجة اقتناعه و لكن أرى أنّ غياب الكنيسة أصبح معضلة كبرى لأنه في غياب سلطة منظمة للمسائل الدينية أصبح باب الافتاء مفتوحا لكل من هبّ و دبّ فيمكن لكلّ ملتح أن يظهر في قناة و ينصّب نفسه أحيانا حارسا على باب الجنّة كأنه لا يمكن دخولها إلّا باذن منه و يتحدّث و كأنّه يملك الحقيقة المطلقة(هذا التعبير، للأمانة العلمية، استعرته من أحد الأصدقاء)! أصبحنا نسمع عن فتاوى تثير الضحك ( كارضاع الكبير) و الغريب أنّها تصدر أحيانا عن شيوخ متخرّجين عن مؤسسة دينيّة كبيرة هي الأزهر أصبح مجرّد الانتماء إليها يخوّل الكلام باسم الدين..أصبح الأزهر يلعب دورا مشابها لدور الكنيسة حتّى أصبحت الدول الأجنبية تعتبره كذلك(فرنسا مثلا أخذت رأي شيخ الأزهر قبل اصدار قانون تحريم ارتداء الرموز الدينية في المدارس)
و تجد فتاوى شيوخ القنوات للأسف رواجا عند الكثير من الأشخاص و ذلك يبدو حتّى من خلال عدد المكالمات الطالبة للفتاوى التي تصل لمختلف القنوات و تعدّد مصادرها و سؤالها حتّى عن أبسط المسائل، فمثلا ورد سؤال على احدى القنوات هل تجوز مشاهدة الأفلا الراوية لقصّة الاسلام اذا حوت مشاهد لنساء غير محجبات!!!!! و كان جواب الفقيه الكبير المتصدّي للافتاء هو بالنفي القاطع..اي نعم، لا تجوز مشاهدة "هجرة الرسول" و لا "الشيماء اخت الرسول" و لا حتّى شريط الرسالة لأنّه يحوي، و العياذ بالله، مشاهد لنساء غير محجّبات بل أنّي سمعت أنّ عرض شريط الرسالة، ذلك الشريط العظيم الذي ساهم بصورة فاعلة في التعريف بالاسلام قد منعه الأزهر. السبب؟ أنه يصوّر حمزة عمّ الرسول(صلّى الله عليه و سلّم)!
و تتمادى هذه الفتاوى في انتشاره حتّى في تونس و تكاد تمسّ أحيانا من المكاسب التي تحققت منذ فترة طويلة حتى ساد الظن أنها تغلغلت في المجتمع التونسي.. فبعض الصحف التونسية تخصص بابا للفتاوى نرى فيه أحيانا أسئلة من نوع " هل إذا قلت كذا لزوجتي تكون طالقا؟" و كأن الطلاق لم يصر قضائيا منذ أكثر من خمسين عاما في تونس و الغريب أنّ الشيخ يجيب و ينشر جوابه دون أيّة رقابة(هذا لا يعني طبعا أنّنا نملك رقابة في تونس!). بل أنّي أصبحت كذلك أسمع بعض الزملاء يتساءلون عن تعدّد الزوجات و عن كيفيّة عقد زواج عرفي مما يجعلني أتساءل عما ذا كانت مجلّة الأحوال الشخصية قد أصبحت فعلا من المكاسب غير القابلة للنقاش؟ أما آن الانتقال إلى مستوى آخر؟
هناك 4 تعليقات:
شكرا لطرحك موضوع هاما جدا ...
أردت هنا توضبح بعض اللبس ... فأنت تتساءل عن عدم وجود "كنيسة" في الاسلام و قد قصدت ..لماذا لا يوجد "تنظيم كنائسي" في الاسلام.
انني اظن ان الجواب كامن في السؤال ... ففي الدين المسيحي يوجد تنظيم كنائسي و في الاسلام لا يمكن أن يكون طبعا التنظيم نفسه لكن هذا لا ينفي وجود تنظيم ... رغم بعدنا عنه
ان أهل السنة قسّموا الى 4 مذاهب و هم المذهب المالكي و الشافعي و الحنبلي و الحنفي ... و كل مذهب يعتبر مدرسة في التفكير الاسلامي و البحث في علوم الدين و قد تولى العلماء المشعل عن بعضهم البعض الى يومنا هذا ( انتقل العلم من الرسول الى الصحابة الى التابعين الى تابعي التابعين ...استرسالا الى يومنا هذا) و كان و لازال علماء هذه المذاهب يستأنسون ببحوث العلماء الاخرين في هذه المذاهب ... فيباح احكام المذاهب الاخرى (الاختلاف رحمة)
يعتبر المذهب الرسمي لتونس المذهب المالكي و هو مذهب المغرب و سوريا كذلك و كان مذهب الاندلس و هو مذهب جامع الزيتونة المعمور عرف بانفتاحه. و قد انجب القطر التونسي نوابغ في الفقه المالكي كابي زيد القيرواني و ابن عاشور (الاب و الأبن ) و غيرهم كثير. و لازال اصحاب العلم الدارسين عن كبار العلماء موجودين في عصرنا هذا ومازال صيت جامع الزيتونة حاضر وجلي.
أما العلم المعتمد في مصر الذي يكرسه جامع الازهر هو الفقه الشافعي و قد ضم و لايزال هذا الجامع علماء ابرار و مفكرين مجتهدين (مما يبرر انه مصد مسموع في كل انحاء العالم في علوم الدين)... و قد خلّطت هنا ما بين علماء "جامع الازهر" و الاستاذ في جامعة الازهر صاحب تلك الفتوة المهزلة (وقد تم فصله من الجامعة).
أما أهل السعودية فهم يعتمدون مذهبا اعتبر أوّل القرن خارج عن السنة فهو المذهب الوهابي المنشق من المذهب الحنبلي و قد ظهر هذا المذهب (خلافا لمذاهب ال4 التي ضهرت في القرن الاول هجري) في أواخر القرن التاسع عشر ميلادي. و قد عرف أهل هذا المذهب بالتشدد.
أما عن مشكل الافتاء على الهواء دون علم و لا دراية فهو امر ناتج عن الجهل السائد في الامة الاسلامية و بعد أهل هذا الدين عن علمائهم و العلوم الفقهية الكبيرة و العديدة التي خلّدها جدودنا.
ان للشيوخ في السلام مراتب (كتلك التي في الكنيسة لكن المراتب تصنّف حسب العلم و الدراية و ليست حسب الاقدمية أو الاعمال)...فيمكن أن أذكر هنا أن في جامع الزيتونة تنظيم فتجد الطالب و الشيخ من ااصنف الثاني و الشيخ من الصنف الاوّل ...أما درجة الافتاء فلا تجوز الا لمن حفظ القرءان و تفاسيره و حفظ الاف الاحاديث النبوية و جمع علوم اخرى ...
فان تمعّنت تجد ان أغلب من يفتي في تلك القناتوات التلفزية لا يرتقي لدرجة مفتي بل منهم من تتوفّر فيه مقاييس الشيخ...لكن الربح السهل الذي تكسبه تلك القنوات من هذا النوع من برامج الافتاء يغري اصحاب القنوات... فالمشكل هنا في الجهل السائد في عالمنا و ليس المشكل في الاسلام نفسه أو في العلم الاسلامي
أرجو ان ما قلته مفيد و شكرا ثانيتا لطرحك هذا الموضوع
إحدى البديهيات التي يجب مراجعتها و لعلها من أهمها أنه لا يوجد كنيسة في الإسلام
ذلك أنه حسب تعريفنا لكلمة كنيسة فإن الإجابة تختلف
يا سيدي مؤسسة الخلافة نفسها و تعريفا كنيسة لأن الخليفة هو خليفة الرسول نفسه
طبقة رجال الدين و المشايخ عبر العصور كانت تمثل كنيسة بكل المقاييس
الأزهر كنيسة رسمية على رأسها بابا هو الإمام الأكبر و هو بدرجة رئيس وزراء رسميا
ما نقوله شيئ و الواقع شيئ آخر و موضوعك مهم و جدا و يستحق نقاشا أعمق من ردسريع كهذا
فقط سأختم بما قاله الشيخ الإمام محمد عبده و ما أحوجنا لأمثاله اليوم
ليس في الإسلام سلطة دينية، سوى سلطة الموعظة الحسنة، والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر، وهي سلطة خولها اللّه لأدنى المسلمين يقرع بها أنف أعلاهم، كما خولها لأعلاهم يتناول بها من أدناهم.. أصل من أصول الإسلام - وما أجله من أصل - قلب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها، هدم الإسلام بناء تلك السلطة ومحا أثرها، حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله اسم ولا رسم. ولم يدع الإسلام لأحد - بعد اللّه سلطانا على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه، فليس في الإسلام ما يسمى عند قوم بالسلطة الدينية بوجه من الوجوه. ولا يسوغ لواحد أن يدعى حق السيطرة على إيمان أحد، أو عبادته لربه، أو ينازعه في طريقة نظره. إن الإيمان بالله يرفع الخضوع والاستعباد للذين استذلوا البشر بالسلطة الدينية، وهي دعوى القداسة والوساطة عند اللّه، ودعوى التشريع والقول على اللّه دون إذن اللّه، أو السلطة الدنيوية وهي سلطة الملك والاستبداد، فالمؤمن لا يرضى لنفسه أن يكون عبدا لبشر مثله للقب ديني أو دنيوي، وقد أعزه اللّه بالإيمان، وإنما أئمة الدين مبلغون لما شرعه اللّه، وأئمة الدنيا منفذون لأحكام اللّه، وإنما الخضوع الديني للّه ولشرعه لا لشخوصهم وألقابهم
لكن مرة أخرى الكلام شيء و الواقع المر شيئ آخر
قل لأي إسلامي أو حتى مسلم
ولا يسوغ لواحد أن يدعى حق السيطرة على إيمان أحد، أو عبادته لربه، أو ينازعه في طريقة نظره
و سيجيك لكن الشيخ فلان قال
:)
تحياتي
je suis complètement d'accord avec le fait qu'en l'absence d'un organisme "régulateur" de FATWA ou même de censure de ce qui est diffusé sur les médias, ce qui est publié sur les livre de poche qui se vendent devant les mosquées Ce que je dis toujours aux gens que je connais, on a le coran, le Tafsir de Ben Achour et de bonnes émissions diffusées sur radio zitouna, personnellement je me contenterai de ça et plus besoin des FATWA, ya d'autres moyens qui les remplacent de nos jours...
ces chaines et leurs chikhs sont un grand problème pour nous tunisiens, je suis d'accord sur la chaine de radio izzitouna, elle nous explique le corant et il7adith avec toute souplesse et tolérance du coran.
c'est des meilleurs articles que j'ai lu.
merci
إرسال تعليق